وقوله:
فاعبد الله مخلصا له الدين ؛ " الدين " ؛ منصوب بوقوع الفعل عليه؛ و " مخلصا " ؛ منصوب على الحال؛ أي: فاعبد الله موحدا لا تشرك به شيئا؛ وزعم بعض النحويين أنه يجوز " مخلصا له الدين " ؛ وقال: يرفع " الدين " ؛ على قولك: " مخلصا له الدين " ؛ ويكون " مخلصا " ؛ تمام الكلام؛ ويكون " له الدين " ؛ ابتداء؛ وهذا لا يجوز؛ من جهتين؛ إحداهما أنه لم يقرأ به؛
[ ص: 344 ] والأخرى أنه يفسده
ألا لله الدين الخالص ؛ فيكون " له الدين " ؛ مكررا في الكلام؛ لا يحتاج إليه؛ وإنما الفائدة في
ألا لله الدين الخالص ؛ تحسن بقوله:
مخلصا له الدين ؛ ومعنى إخلاص الدين ههنا: عبادة الله وحده؛ لا شريك له؛ وهذا جرى تثبيتا للتوحيد؛ ونفيا للشرك؛ ألا ترى قوله:
والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم ؛ إلى قوله:
إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ؛ أي: فأخلص أنت الدين؛ ولا تتخذ من دونه أولياء؛ فهذا كله يؤكده " مخلصا له الدين " ؛ وموضع
والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم ؛ " الذين " ؛ رفع بالابتداء؛ وخبرهم محذوف؛ في الكلام دليل عليه؛ المعنى: " والذين اتخذوا من دونه أولياء يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " ؛ والدليل على هذا أيضا قراءة أبي: " ما نعبدكم إلا لتقربونا إلى الله " ؛ هذا تصحيح الحكاية؛ المعنى: " يقولون لأوليائهم: ما نعبدكم إلا لتقربونا إلى الله زلفى " ؛ وعلى هذا المعنى يقولون: ما نعبدهم؛ أي: يقولون لمن يقول لهم: " لم عبدتموهم؟ " : " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " ؛ أي: قربى؛ ثم أعلم - عز وجل - - أنه لا يهدي هؤلاء؛ فقال:
إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ؛