ثم بين - جل وعز - ما يدل على توحيده بما خلق؛ ويعجز عنه المخلوقون؛ فقال:
خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها ؛ " ثم " ؛ لا تكون إلا لشيء بعد شيء؛ و " النفس الواحدة " ؛ يعني بها
آدم - صلى الله عليه وسلم -؛ و " زوجها " ؛
حواء؛ وإنما قوله " ثم " ؛ لمعنى " خلقكم من نفس واحدة " ؛ أي: خلقها واحدة ثم جعل منها زوجها؛ أي: خلقها ثم جعل منها زوجها قبلكم؛ وقوله:
وأنـزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ؛ يعني: من الإبل ذكرا وأنثى؛ ومن البقر ذكرا وأنثى؛ ومن الضأن كذلك؛ ومن المعز ذكرا وأنثى؛ يقال للذكر والأنثى: " زوجان " ؛ كل واحد منهما يقال له: " زوج " ؛
يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ؛ نطفا؛ ثم علقا؛ ثم مضغا؛ ثم عظاما؛ ثم تكسى العظام لحما؛ ثم تصور؛ وتنفخ فيها الروح؛ فذلك معنى قوله:
خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ؛ في البطن؛ والرحم؛ والمشيمة؛ وقد قيل: في الأصلاب؛ والرحم؛ والبطن؛
ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو ؛ المعنى: " الذي دبر الخلق هذا التدبير؛ ليس كمثله شيء؛
فأنى تصرفون ؛
[ ص: 346 ] المعنى: " فمن أين تصرفون عن طريق الحق؟! " ؛ مثل:
فأنى تؤفكون ؛ أي: فكيف تعدلون عن الحق بعد هذا البيان الذي يدل على صحة التوحيد؟!