وقوله - عز وجل -:
زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ؛
[ ص: 383 ] قيل في " زين " ؛ قولان: قال بعضهم: الله زينها محنة؛ كما قال:
إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ؛ وقال بعضهم: الشيطان زينها؛ لأن الله قد زهد فيها؛ وأعلم أنها متاع الغرور؛ والقول الأول أجود؛ لأن جعلها زينة محبوبة موجود؛ والله قد زهد فيها بأن أعلم وأرى زوالها؛ ومعنى
والقناطير ؛ عند العرب: الشيء الكثير من المال؛ وهو جمع " قنطار " ؛ فأما أهل التفسير فقالوا أقوالا غير
خارجة من مذهب العرب؛ قال بعضهم: القنطار ملء مسك ثور ذهبا؛ أو فضة؛ وقال بعضهم: القنطار ثمانون ألف درهم؛ وقال بعضهم: القنطار ألف دينار؛ وقال بعضهم: ألف رطل ذهبا؛ أو فضة؛ فهذه جملة ما قال الناس في " القنطار " ؛ والذي يخرج في اللغة أن القنطار مأخوذ من عقد الشيء؛ وإحكامه؛ والقنطرة مأخوذة من ذلك؛ فكأن القنطار هو الجملة من المال؛ التي تكون عقدة وثيقة منه؛ فأما من قال من أهل التفسير: إنه شيء من الذهب موف؛ فأقوى منه عندي ما ذكر من أنه من الذهب؛ والفضة؛ لأن الله - جل وعز - ذكر القناطير فيهما؛ فلا يستقيم أن يكون القنطار في إحداهما دون الأخرى؛ ومعنى
والخيل المسومة ؛ في اللغة: الخيل عليها السيماء؛ والسومة؛ وهي
[ ص: 384 ] العلامة؛ ويجوز - وهو حسن - أن يكون " المسومة " : السائمة؛ و " أسيمت " : أرعيت؛ و " الأنعام " ؛ المواشي؛ واحدها " نعم " ؛ أكثر استعمالها في الإبل؛
والحرث ؛ الزرع؛ وهذا كله محبب إلى الناس؛ كما قال الله - عز وجل -؛ ثم زهد الله في جميعه؛ وتأويل التزهيد فيه ليس الامتناع من أن يزرع الناس؛ ولا من أن يكسبوا الشيء من جهة؛ وإنما وجه التزهيد فيه الحث على الصدقة؛ وسلوك سبل البر التي أمر بها في ترك الاستكثار من المال وغيره؛ فهذا وجه التزهيد؛ فقال - جل وعز -:
ذلك متاع الحياة الدنيا ؛ أي: ما يتمتع به فيها؛
والله عنده حسن المآب ؛ و " المآب " ؛ في اللغة: المرجع؛ يقال: " آب الرجل؛ يؤوب؛ أوبا؛ وإيابا؛ ومآبا " ؛