أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ؛ أي: يا ندما؛ وحرف النداء يدل على تمكن القصة من صاحبها؛ إذا قال القائل: " يا حسرتاه " ؛ و " يا ويلاه " ؛ فتأويله: " الحسرة والويل قد حل به؛ وأنهما لازمان له غير مفارقين " ؛ ويجوز: " يا حسرتي " ؛ وزعم الفراء أنه يجوز: " يا حسرتاه على كذا وكذا " ؛ بفتح الهاء؛ و " يا حسرتاه " ؛ بالكسر والضم؛ والنحويون أجمعون لا يجيزون أن تثبت هذه الهاء في الوصل؛ وزعم أنه أنشده من
بني فقعس رجل من
بني أسد: يا رب يا رباه إياك أسل ... عفراء يا رباه من قبل الأجل
وأنشده أيضا:
[ ص: 359 ] يا مرحباه بحمار ناجية
والذي أعرف أن الكوفيين ينشدون:
يا مرحباه بجمار ناجية
قال
أبو إسحاق: ولا أدري لم استشهد بهذا؛ ولم يقرأ به قط؛ ولا ينفع في تفسير هذه الآية شيئا؛ وهو خطأ؛ ومعنى " أن تقول نفس " : " خوف أن تقول نفس " ؛ و " كراهة أن تقول نفس " ؛ المعنى: " اتبعوا أحسن ما أنزل خوفا أن تصيروا إلى حال يقال فيها هذا القول؛ وهي حال الندامة " ؛ ومعنى " على ما فرطت في جنب الله " : " في أمر الله " ؛ أي: " فرطت في الطريق الذي هو طريق الله الذي دعاني إليه؛ وهو توحيده والإقرار بنبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم " .
وإن كنت لمن الساخرين ؛ أي: " وما كنت إلا من المستهزئين " .