وقوله:
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ؛ إلى قوله:
ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ؛ وهي في مصحف أهل
المدينة: " بما كسبت أيديكم " ؛ بغير فاء؛ وكذلك يقرؤونها؛ خلا أبا جعفر؛ فإنه يثبت الفاء؛ وهي في مصاحف أهل
العراق بالفاء؛ وكذلك قراءتهم؛ وهو في العربية أجود؛ لأن الفاء مجازاة جواب الشرط؛ المعنى: " ما تصبكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " ؛ وقرئت " : " ويعلم الذين يجادلون " ؛ والنصب على إضمار " أن " ؛ لأن قبلها جزاء؛ تقول: " ما تصنع أصنع مثله وأكرمك " ؛ وإن شئت قلت: " وأكرمك " ؛ على: " وأنا أكرمك " ؛ وإن شئت: " وأكرمك " ؛ جزما.
[ ص: 400 ] وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=883417 " إن الله أكرم من أن يثني على عبده العقوبة " ؛ أي: إذا أصابته في الدنيا مصيبة بما كسبت يداه؛ لم يثن عليه العقوبة في الآخرة؛ وأما من قرأ: " وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " ؛ أي: لا يجازي على كثير مما كسبت أيديكم في الدنيا؛ وجائز أن يكون يعفو عن كثير؛ فلا يجازي عليه في الدنيا؛ ولا في الآخرة؛ ومعنى:
ما لهم من محيص " ما لهم من معدل؛ ولا من منجى " ؛ يقال: " حاص عنه " ؛ إذا تنحى؛ ويقال: " حاض عنه " ؛ في معنى " حاص " ؛ ولا يجوز أن يقرأ: " ما لهم من محيض " ؛ وإن كان المعنى واحدا؛ فأما موضع " الذين " ؛ في قوله:
ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ؛ فيجوز أن يكون نصبا؛ ويجوز أن يكون رفعا؛ فمن نصب؛ فعلى معنى: " ويجيب الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات " ؛ ومن رفع؛ فعلى معنى: " يستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات لله - عز وجل " ؛ أي: لما يدعوهم الله إليه.