وقوله:
فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار ؛ قيل لهم هذا بعد أن ثبت عليهم أمر التوحيد؛ وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فوعدوا بالعذاب إن لم يؤمنوا بعد ثبوت الحجة عليهم؛ وجزم " لم تفعلوا " ؛ لأن " لم " ؛ أحدثت في الفعل المستقبل معنى المضي؛ فجزمته؛ وكل حرف لزم الفعل؛ فأحدث فيه معنى؛ فله فيه من الإعراب على قسط معناه؛ فإن كان ذلك الحرف " أن " ؛ وأخواتها؛ نحو: " لن تفعلوا " ؛ و " يريدون أن يطفئوا " ؛ فهو نصب لأن " أن " ؛ وما بعده؛ بمنزلة الاسم؛ فقد ضارعت " أن " ؛ الخفيفة؛ " أن " ؛ المشددة؛ وما بعدها؛ لأنك إذا قلت: " ظننت أنك قائم " ؛ فمعناه: ظننت قيامك؛ وإذا قلت: " أرجو أن تقوم " ؛ فمعناه: أرجو قيامك؛ فمعنى " أن " ؛ وما عملت فيه؛ كمعنى " أن " ؛ المشددة؛ وما
[ ص: 101 ] عملت فيه؛ فلذلك نصبت " أن " ؛ وجزمت " لم " ؛ لأن ما بعدها خرج من تأويل الاسم؛ وكذلك هي وما بعدها؛ يخرجان من تأويل الاسم. وقوله - عز وجل -:
التي وقودها الناس والحجارة ؛ عرفوا عذاب الله - عز وجل - بأشد الأشياء التي يعرفونها؛ لأنه لا شيء في الدنيا أبلغ فيما يؤلم من النار؛ فقيل لهم: إن عذاب الله من أشد الأجناس التي يعرفونها؛ إلا أنه من هذا الشديد الذي يعرفونه؛ ويقال: إن الحجارة هنا تفسيرها حجارة الكبريت؛ وقوله: " وقودها " ؛ الوقود هو الحطب؛ وكل ما أوقد به فهو وقود؛ ويقال: " هذا وقودك " ؛ ويقال: " قد وقدت النار وقودا " ؛ فالمصدر مضموم؛ ويجوز فيه الفتح؛ وقد روي: " وقدت النار وقودا " ؛ و " قبلت الشيء قبولا " ؛ فقد جاء في المصدر " فعول " ؛ والباب الضم.