معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
ومعنى رب اجعل لي آية ؛ أي: علامة؛ أعلم بها الوقت الذي تهب له فيه الغلام؛ قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ؛ أي: علامة ذلك أن يمسك لسانك عن الكلام؛ وأنت صحيح سوي؛ وقال - في موضع آخر -: آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا ؛ أي: وأنت سوي؛ ومعنى " الرمز " : تحريك الشفتين باللفظ؛ من غير إبانة بصوت؛ إنما هو إشارة بالشفتين؛ وقد قيل: إن الرمز هو إشارة بالعينين؛ أو الحاجبين؛ والفم؛ و " الرمز " ؛ في اللغة: كل ما أشرت به إلى بيان بلفظ؛ أي: بأي شيء أشرت؛ أبفم؛ أم بيد؛ أم بعينين؛ و " الرمز " ؛ و " الترمز " ؛ في اللغة: الحركة والتحرك. وقوله - عز وجل -: وسبح بالعشي والإبكار ؛ قيل: " سبح " : " صل " ؛ ويقال: " فرغت من سبحتي " : من صلاتي؛ وإنما سميت الصلاة " تسبيحا " ؛ لأن التسبيح تعظيم الله؛ وتبرئته من السوء؛ فالصلاة يوحد الله فيها؛ ويحمد؛ ويوصف بكل ما يبرئه من السوء؛ فلذلك سميت الصلاة " السبحة " ؛ و " الإبكار " ؛ يقال فيه: " أبكر الرجل؛ يبكر؛ إبكارا " ؛ و " بكر؛ يبكر؛ تبكيرا " ؛ و " بكر يبكر " ؛ في كل شيء يتقدم فيه؛ وقول الناس فيما تقدم من الثمار: " قد هرف " : خطأ؛ إنما هي كلمة تبطئة؛ وإنما تقول العرب في مثل ذلك: " قد بكر " ؛ ويسمى ما يكون منه " الباكورة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية