وقوله - عز وجل -:
مثل الجنة تفسير لقوله (تعالى):
إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ؛ ففسر تلك الأنهار؛ فقال:
مثل الجنة التي وعد المتقون ؛ أي: مما عرفتموه من الدنيا من جناتها؛ وأنهارها؛ جنة:
فيها أنهار من ماء غير آسن ؛ ويقرأ: "من ماء غير أسن"؛ ويجوز في العربية" "أسن"؛ يقال: "أسن الماء؛ يأسن؛ فهو آسن"؛ ويقال: "أسن الماء؛ فهو أسن"؛ إذا تغيرت رائحته؛ فأعلم الله - عز وجل - أن أنهار الجنة لا تتغير رائحة مائها؛ ولا يأسن؛
وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ؛ أي: لا يدخله ما يدخل ألبان الدنيا من التغير؛
وأنهار من خمر لذة للشاربين ؛ ليس فيها غول؛ أي: لا تسكر؛ ولا تفنى؛
وأنهار من عسل مصفى ؛ معناه: مصفى؛ لم يخرج من بطون النحل فيخالطه الشمع؛
ولهم فيها من كل الثمرات ؛
[ ص: 10 ] كما قال:
إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ؛ وصف تلك الجنات فقال: "مثل الجنة جنة..."؛ كما وصف؛ وقيل: إن المعنى: "صفة الجنة"؛ وهو نحو مما فسرنا؛ ثم قال:
ومغفرة من ربهم ؛ أي: لهم فيها من كل الثمرات؛ ولهم مغفرة من ربهم؛ يغفر ذنوبهم؛ ولا يجازون بالسيئات؛ ولا يوبخون في الجنة؛ فيكون الفوز العظيم؛ والعطاء الجزيل؛ ثم قال:
كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ؛ المعنى: أفمن كان على بينة من ربه؛ وأعطي هذه الأشياء؛ كمن زين له سوء عمله؛ وهو خالد في النار؟!
وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ؛ واحد الأمعاء "معى"؛ مثل "ضلع"؛ و"أضلاع".