وقوله - عز وجل -:
ومنهم من يستمع إليك ؛ يعني المنافقين؛
حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا ؛ كانوا يسمعون خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا خرجوا سألوا أصحاب رسول الله استهزاء وإعلاما أنهم لم يلتفتوا إلى ما قال؛ فقالوا: ماذا قال آنفا؟ أي: ماذا قال الساعة؛ ومعنى "آنفا"؛ من قولك: "استأنفت الشيء"؛ إذا ابتدأته؛ و"روضة أنف"؛ إذا لم ترع بعد؛ أي: لها أول يرعى؛ فالمعنى: ماذا قال من أول وقت يقرب منا؟ وقوله:
أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم والذين اهتدوا زادهم هدى ؛ الضمير الذي في " زادهم " ؛ يجوز أن يكون فيه أحد ثلاثة أوجه؛ فأجودها - والله أعلم - أن يكون فيه ذكر الله؛ فيكون المعنى مردودا على
[ ص: 11 ] قوله:
أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم والذين اهتدوا زادهم هدى ؛ ويجوز أن يكون الضمير في " زادهم " ؛ قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فيكون المعنى: "والذين اهتدوا زادهم ما قال رسول الله هدى"؛ ويجوز أن يكون زادهم إعراض المنافقين واستهزاؤهم هدى.
قوله:
وآتاهم تقواهم ؛ يجوز أن يكون: "وألهمهم تقواهم"؛ كما قال - عز وجل -:
وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها ؛ ويجوز أن يكون - والله أعلم -: "وآتاهم ثواب تقواهم".