وقوله - عز وجل -:
ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ؛ أي: الأخبار التي قصصناها عليك في
زكريا؛ ويحيى ؛
ومريم ؛
وعيسى ؛ من أنباء الغيب؛ أي: من أخبار ما غاب عنك؛ وفي هذا دليل على تثبيت نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أنبأ بما لا يعلم إلا من كتاب؛ أو وحي؛ وقد أجمعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أميا؛ فإنباؤه إياهم بالأخبار التي في كتبهم على حقيقتها؛ من غير قراءة الكتب؛ دليل على أنه نبي؛ وأن الله أوحى إليه بها؛ ومعنى
إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ؛ أي: هذا أيضا مما لم تحضره؛ ومعنى الأقلام؛ ههنا: القداح؛ وهي قداح جعلوا
[ ص: 411 ] عليها علامات يعرفون بها أيهم يكفل مريم؛ على جهة القرعة؛ وإنما قيل للسهم: " القلم " ؛ لأنه يقلم؛ أي: يبرى؛ وكل ما قطعت منه شيئا بعد شيء فقد قلمته؛ من ذلك " القلم " ؛ الذي يكتب به؛ إنما سمي لأنه قلم مرة بعد مرة؛ ومن هذا " قلمت أظافري " .
ومعنى
أيهم يكفل مريم ؛ أي: لينظروا: أيهم تجب له كفالة مريم؛ وهو الضمان للقيام بأمرها؛ ومعنى
لديهم عندهم؛ وبحضرتهم؛
إذ يختصمون ؛ " إذ " ؛ نصب بقوله: " وما كنت لديهم " ؛ و " إذ " ؛ الثانية معلقة ب " يختصمون " ؛ أي: " إذ يختصمون إذ قالت الملائكة " ؛ ف " إذ " ؛ منصوبة ب " يختصمون " ؛ ويكون المعنى أنهم اختصموا بسبب
مريم ؛
وعيسى ؛ وجائز أن يكون نصب " إذ " ؛ على " وما كنت لديهم إذ قالت الملائكة " ؛ هذا أيضا مما لم يشاهده.