وقوله - عز وجل -:
وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ؛ ذكر ذلك للمؤمنين؛ وما أعد لهم؛ جزاء لتصديقهم؛ بعد أن ذكر لهم جزاء الكافرين؛ وموضع " أن " ؛ نصب؛ معناه: بشرهم بأن لهم جنات؛ فلما سقطت الباء أفضى الفعل إلى " أن " ؛ فنصبت.
وقد قال بعض النحويين: إنه يجوز أن يكون موضع مثل هذا خفضا؛ وإن سقطت الباء من " أن " ؛ و " جنات " ؛ في موضع نصب ب " أن " ؛ إلا أن التاء تاء جماعة المؤنث؛ هي في الخفض والنصب على صورة واحدة؛ كما أن ياء الجمع في النصب والخفض
[ ص: 102 ] على صورة واحدة؛ تقول: " رأيت الزيدين " ؛ و " مررت بالزيدين " ؛ و " رأيت الهندات " ؛ و " رغبت في الهندات " ؛ و " الجنة " ؛ في لغة العرب: البستان؛ و " الجنات " : البساتين؛ وهي التي وعد الله بها المتقين؛ وفيها ما تشتهي الأنفس؛ وتلذ الأعين.
قوله - عز وجل -:
كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ؛ قال أهل اللغة: معنى " متشابها " : يشبه بعضه بعضا في الجودة؛
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ؛ وقال أهل التفسير؛ وبعض أهل اللغة: " متشابها " : يشبه بعضه بعضا في الصورة؛ ويختلف في الطعم؛ ودليل المفسرين قوله: " هذا الذي رزقنا من قبل " ؛ لأن صورته الصورة الأولى؛ ولكن اختلاف الطعوم على اتفاق الصورة أبلغ؛ وأعرف عند الخلق؛ لو رأيت تفاحا فيه طعم كل الفاكهة؛ لكان غاية في العجب؛ والدلالة على الحكمة. وقوله - عز وجل -:
ولهم فيها أزواج مطهرة ؛ أي أنهن لا يحتجن إلى ما يحتاج إليه نساء أهل الدنيا؛ من الأكل؛ والشرب؛ ولا يحضن؛ ولا يحتجن إلى ما يتطهر منه؛ وهن على هذا طاهرات طهارة الأخلاق والعفة؛ ف " مطهرة " ؛ تجمع الطهارة كلها؛ لأن " مطهرة " ؛ أبلغ في الكلام من " طاهرة " ؛ ولأن " مطهرة " ؛ إنما يكون للكثير؛ وإعراب " أزواج " : الرفع ب " ولهم " ؛ وإن شئت بالابتداء؛ ويجوز في " أزواج " ؛ أن يكون واحدتهن " زوجا " ؛ و " زوجة " ؛ قال الله - تبارك وتعالى -
اسكن أنت وزوجك الجنة ؛ وقال الشاعر:
[ ص: 103 ] فبكى بناتي شجوهن وزوجتي ... والطامعون إلي ثم تصدعوا