وقوله - عز وجل -:
يوم نقول لجهنم هل امتلأت ؛ وقرئت: "يوم يقول لجهنم"؛ نصب "يوم"؛ على وجهين: على معنى: "ما يبدل القول لدي في ذلك اليوم"؛ وعلى معنى: "أنذرهم يوم نقول لجهنم"؛ كما قال:
وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر [ ص: 47 ] وقوله - عز وجل -:
هل امتلأت ؛ أي: "أم لم تمتلئي؟"؛ وإنما السوال توبيخ لمن أدخلها؛ وزيادة في مكروهه؛ ودليل على تصديق قوله:
لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ؛ فأما قوله:
وتقول هل من مزيد ؛ ففيه وجهان عند أهل اللغة؛ أحدهما أنها تقول ذلك بعد امتلائها؛ فتقول:
هل من مزيد ؛ أي: "هل بقي في موضع لم يمتلئ؟"؛ أي: قد امتلأت؛ ووجه آخر: تقول: "هل من مزيد"؛ تغيظا على من عصى؛ كما قال - عز وجل -:
سمعوا لها تغيظا وزفيرا ؛ فأما قولها هذا؛ ومخاطبتها؛ فالله - عز وجل - جعل فيها ما به تميز وتخاطب؛ كما جعل فيما خلق أن يسبح بحمده؛ وكما جعل في النملة أن قالت:
يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ؛ وقد زعم قوم أنها امتلأت؛ فصارت صورتها صورة من لو ميز لقال:
هل من مزيد ؛ كما قال الشاعر:
امتلأ الحوض وقال قطني ... مهلا رويدا قد ملأت بطني
وليس هناك قول؛ وهذا ليس يشبه ذاك؛ لأن الله - عز وجل - قد أعلمنا أن المخلوقات تسبح؛ وأننا لا نفقه تسبيحها؛ فلو كان إنما هو أن يدل على أنها مخلوقة كنا نفقه تسبيحها.