وقوله - عز وجل -:
والحب ذو العصف والريحان ؛ ويقرأ: "والريحان"؛ وأكثر القراءة
والريحان ؛ والعصف: ورق الزرع؛ ويقال: التبن هو العصف؛ ويقال: العصفة؛ قال الشاعر:
تسقي مذانب قد مالت عصيفتها ... آتيها من أتي الماء مطموم
ويروى: "بأتي الماء"؛ ومعنى
ذو العصف والريحان ذو الورق والرزق؛
العرب تقول: "سبحان الله وريحانه"؛ قال أهل اللغة: معناه: "واسترزاقه"؛ قال
النمر بن تولب: سلام الإله وريحانه ... ورحمته وسماء درر
قال: معنى "ريحانه": رزقه؛ ومن قرأ: "والريحان"؛ عطف على "العصف"؛ ومن
[ ص: 98 ] قرأ:
والريحان ؛ عطف على
الحب ؛ ويكون المعنى: "فيهما فاكهة؛ فيهما الحب ذو العصف؛ وفيهما الريحان؛ فيكون "الريحان"؛ ههنا؛ الريحان الذي يشم؛ ويكون أيضا ههنا الرزق؛ فذكر الله - عز وجل - في هذه السورة ما يدل على وحدانيته من خلق الإنسان؛ وتعليم البيان؛ ومن خلق الشمس والقمر والسماء والأرض؛ ثم خاطب الإنس والجن؛ فقال: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ؛ أي: فبأي نعم ربكما تكذبان من هذه الأشياء المذكورة؛ لأنها كلها منعم بها عليكم في دلالتها إياكم على وحدانيته؛ وفي رزقه إياكم ما به قوامكم والوصلة إلى حياتكم؛ و"الآلاء" واحدها: "ألى"؛ و"إلى"؛ وكل ما في السورة من قوله: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ؛ فمعناه على ما فسرناه: فبأي نعم ربكما تكذبان؟!