وقوله:
فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا ؛ أي: ثقل عاقبة أمرها؛
[ ص: 188 ] وكان عاقبة أمرها خسرا ؛ يعني في الآخرة؛ وهو قوله:
أعد الله لهم عذابا شديدا ؛ يعني بعد ذلك الذي نزل بهم في الدنيا؛ ثم وعظ الله هذه الأمة في تصديق النبي - عليه السلام -؛ واتباع أمره؛ وأعلم أنه قد بعث رسوله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور؛ فقال:
فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا ؛ ومعنى "أولي الألباب": أصحاب العقول؛ وواحد "أولو الألباب": "ذو لب"؛ أي: ذو عقل؛
قد أنـزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ؛ "رسولا"؛ منصوب على ثلاثة أوجه؛ أجودها أن يكون قوله:
قد أنـزل الله إليكم ذكرا ؛ دليلا على إضمار "أرسل رسولا يتلو عليكم"؛ ويجوز أن يكون يعني بقوله " رسولا " ؛ النبي - عليه السلام -؛ ويكون " رسولا " ؛ منصوبا بقوله: " ذكرا " ؛ يكون المعنى: "قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا ذا ذكر؛ رسولا يتلو"؛ ويكون " رسولا " ؛ بدلا من "ذكرا"؛ ويكون يعنى به
جبريل - عليه السلام -؛ ويكون دليل هذا القول قوله - يعني به
جبريل - عليه السلام -:
نـزل به الروح الأمين على قلبك ؛ ومعنى:
من الظلمات إلى النور ؛ من ظلمات الكفر؛ إلى نور الإيمان؛ لأن أدلة الكفر مظلمة غير بينة؛ وأدلة الإسلام واضحة بينة؛ قوله:
قد أحسن الله له رزقا ؛ أي: رزقه الله الجنة التي لا ينقطع نعيمها؛ ولا يزول؛ ثم ذكر - جل وعز - ما يدل على توحيده؛ فقال:
[ ص: 189 ] الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنـزل الأمر بينهن ؛ ففي كل سماء؛ وكل أرض خلق من خلقه؛ وأمر نافذ من أمره.