فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ؛ ومعنى
بالطاغية ؛ عند أهل اللغة: بطغيانهم؛ و"فاعلة"؛ قد يأتي بمعنى المصادر؛ نحو "عافية"؛ و"عاقبة"؛ والذي يدل عليه معنى الآية - والله أعلم - أنهم أهلكوا بالرجفة الطاغية؛ كما قال:
[ ص: 214 ] وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ؛ يقال للشيء العظيم: "عات"؛ و"عاتية"؛ وكذلك أهلكوا بالطاغية؛ ودليل الوصف بالطغيان في الشيء العظيم قوله - عز وجل -:
إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية ؛ فوصف الماء بالطغيان لمجاوزته القدر في الكثرة؛ وكذلك أهلكوا بالطاغية؛ والله أعلم؛ وقوله:
بريح صرصر عاتية ؛ أي: بريح شديدة البرد جدا؛ و"الصرصر": شدة البرد؛ و"صرصر": متكرر فيها البرد؛ كما تقول: "قد قلقلت الشيء"؛ و"أقللت الشيء"؛ إذا رفعته من مكانه؛ إلا أن "قلقلته": رددته؛ أي: كررت رفعه؛ و"أقللته": رفعته؛ فليس فيه دليل تكرير؛ وكذلك "صرصر"؛ و"صر"؛ و"صلصل"؛ و"صل"؛ إذا سمعت صوت الصرير غير مكرر؛ قلت: "قد صر؛ وصل"؛ فإذا أردت أن الصوت تكرر؛ قلت: "قد صلصل"؛ و"صرصر".