وقوله - جل وعز -:
واعتصموا بحبل الله جميعا ؛
[ ص: 450 ] " جميعا " ؛ منصوب على الحال؛ المعنى: كونوا مجتمعين على الاعتصام به. وتفسير " واعتصموا بحبل الله " : أي: استمسكوا بعهد الله؛ والحبل في لغة العرب: العهد؛ قال
الأعشى :
وإذا أجوز بها حبال قبيلة ... أخذت من الأخرى إليك حبالها
ومعنى
ولا تفرقوا أي: تناصروا على دين الله؛ وأصل " تفرقوا " : " تتفرقوا " ؛ إلا أن التاء حذفت لاجتماع حرفين من جنس واحد في كلمة؛ والمحذوفة الثانية؛ لأن الأولى دالة على الاستقبال؛ فلا يجوز حذف الحرف الذي يدل على الاستقبال؛ وهو مجزوم بالنهي؛ الأصل: " ولا تتفرقون " ؛ فحذفت النون لتدل على الجزم. وقوله - جل وعز -:
واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ؛ ذكرهم الله بعظيم النعمة عليهم في الإسلام؛ لأنهم كانوا في جاهليتهم يقتل بعضهم بعضا؛ ويستبيح كل غالب منهم من غلبه؛ فحظر عليهم الإسلام الأنفس؛ والأموال؛ إلا بحقها؛ فعرفهم الله - عز وجل - ما لهم من الحظ في العاجل في الدخول في الإسلام.
[ ص: 451 ] وقيل: نزلت في الأوس والخزرج؛ لأنهم كانت بينهم في الجاهلية حروب دائمة قد أتت عليها السنون الكثيرة؛ فأزال الإسلام تلك الحروب؛ وصاروا إخوانا في الإسلام؛ متوادين على ذلك؛ وأصل " الأخ " ؛ في اللغة؛ أن الأخ مقصده مقصد أخيه؛ وكذلك هو في الصداقة؛ أن تكون إرادة كل واحد من الأخوين موافقة لما يريد صاحبه؛ والعرب تقول: " فلان يتوخى مسار فلان " ؛ أي: يقصد ما يسره.
وقوله - جل وعلا -:
وكنتم على شفا حفرة من النار ؛ أي: كنتم قد أشرفتم على النار؛ و " شفا الشيء " : حرفه؛ مقصور؛ يكتب بالألف؛ وتثنيته: " شفوان " ؛ وقال:
فأنقذكم منها ؛ ولم يقل: " منه " ؛ لأن المقصود في الخبر النار؛ أي: فأنقذكم منها بالنبي - صلى الله عليه وسلم.
وقوله - جل وعلا -:
كذلك يبين الله لكم آياته ؛ الكاف في موضع نصب؛ المعنى: مثل البيان الذي يتلى عليكم يبين الله لكم آياته؛ ومعنى
لعلكم تهتدون ؛ أي: لتكونوا على رجاء هدايته.