وقوله - عز وجل -:
ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم ؛ هذا يعني به علماء اليهود الذين بخلوا بما آتاهم الله من علم نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ومشاقته؛ وعداوته؛ وقد قيل: إنهم الذين يبخلون بالمال؛ فيمنعون الزكاة؛ قال أهل العربية: المعنى: " لا يحسبن الذين يبخلون البخل هو خيرا لهم " ؛ ودل " يبخلون " ؛ على البخل؛ و " هو " ؛ ههنا؛ فصل؛ وهو الذي يسميه الكوفيون " العماد " ؛ وقد فسرناه؛ إلا أنا أغفلنا فيه شيئا نذكره ههنا؛
[ ص: 493 ] زعم
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن " هو " ؛ و " هما " ؛ و " هم " ؛ و " أنا " ؛ و " أنت " ؛ و " نحن " ؛ و " هي " ؛ وسائر هذه الأشياء إنما تكون فصولا مع الأفعال التي تحتاج إلى اسم؛ وخبر؛ ولم يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه الفصل مع المبتدإ والخبر؛ ولو تأول متأول أن ذكره الفصل ههنا يدل على أنه جائز في المبتدإ؛ أو الخبر؛ كان ذلك غير ممتنع؛ قال
أبو إسحاق : والذي أرى أنا في هذه: " ولا يحسبن الذين يبخلون " ؛ بالياء؛ ويكون الاسم محذوفا؛ وقد يجوز " ولا تحسبن الذين يبخلون " ؛ على معنى: " ولا تحسبن بخل الذين يبخلون " ؛ ولكن حذف البخل من ههنا فيه قبح؛ إلا أن حذفه من قولك: " ولا يحسبن الذين يبخلون " ؛ قد دل " يبخلون " ؛ فيه على البخل؛ كما تقول: " من كذب كان شرا له " ؛ والقراءة بالتاء عندي لا تمنع؛ فيكون مثل
واسأل القرية ؛ أي: أهل القرية؛ فكذلك يكون معنى هذا: " لا تحسبن بخل الباخلين خيرا لهم.
وقوله - عز وجل -:
ولله ميراث السماوات والأرض ؛ أي: الله يغني أهلهما؛ فيغنيان بما فيهما؛ ليس لأحد فيهما ملك؛ فخوطب القوم بما يعقلون؛ لأنهم يجعلون ما رجع إلى الإنسان ميراثا إذا كان ملكا له.