وقوله - عز وجل -:
لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ؛ هؤلاء رؤساء أهل الكتاب؛ لما نزلت
من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ؛
[ ص: 494 ] قالوا: نرى أن إله
محمد يستقرض منا؛ فنحن إذن أغنياء؛ وهو فقير؛ وقالوا هذا تلبيسا على ضعفتهم؛ وهم يعلمون أن الله - عز وجل - لا يستقرض من عوز؛ ولكنه يبلو الأخيار؛ فهم يعلمون أن الله سمى الإعطاء؛ والصدقة؛ قرضا؛ يؤكد به أن أضعافه ترجع إلى أهله؛ وهو - عز وجل - يقبض ويبسط؛ أي: يوسع ويقتر؛ فأعلم الله - عز وجل - أنه قد سمع مقالتهم؛ وأعلم أن ذلك مثبت عليهم؛ وأنهم إليه يرجعون؛ فيجازيهم على ذلك؛ وأنه خبير بعملهم. وقوله - عز وجل -:
سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ؛ ومعنى " عذاب الحريق " : أي: " عذاب محرق بالنار " ؛ لأن العذاب يكون بغير النار؛ فأعلم أن مجازاة هؤلاء هذا العذاب؛ وقوله: " ذوقوا " ؛ هذه كلمة تقال للشيء ييئس من العفو؛ يقال: " ذق ما أنت فيه " ؛ أي: لست بمتخلص منه.