وقوله :
يريد الله ليبين لكم ؛ قال الكوفيون : معنى اللام معنى " أن " ؛ و " أردت " ؛ و " أمرت " ؛ تطلبان المستقبل؛ لا يجوز أن تقول : " أردت أن قمت " ؛ ولا " أمرت أن قمت " ؛ ولم يقولوا لم لا يجوز ذلك؛ وهذا غلط أن تكون لام الجر تقوم مقام " أن " ؛ وتؤدي معناها؛ لأن ما كان في معنى " أن " ؛ دخلت عليه اللام؛ تقول : " جئتك لكي تفعل كذا وكذا " ؛ و " جئت لكي تفعل كذا وكذا " ؛ وكذلك اللام في قوله :
يريد الله ليبين لكم ؛ كاللام في " كي " ؛ المعنى : أراده الله - عز وجل - للتبيين لكم؛ أنشد أهل اللغة :
أردت لكيما لا ترى لي عثرة ... ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل
[ ص: 43 ] وأنشدنا
محمد بن يزيد المبرد :
أردت لكيما يعلم الناس أنها ... سراويل قيس والوفود شهود
فأدخل هذه اللام على " كي " ؛ ولو كانت بمعنى " أن " ؛ لم تدخل اللام عليها؛ وكذلك " أردت لأن تقوم " ؛ و " أمرت لأن أكون مطيعا " ؛ وهذا كقوله (تعالى) :
إن كنتم للرؤيا تعبرون ؛ أي : إن كنتم عبارتكم للرؤيا؛ وكذلك قوله - عز وجل - أيضا :
للذين هم لربهم يرهبون ؛ أي : الذين هم رهبتهم لربهم.
وقوله :
ويهديكم سنن الذين من قبلكم ؛ أي : يدلكم على طاعته؛ كما دل الأنبياء والذين اتبعوهم من قبلكم؛ ومعنى
سنن الذين من قبلكم أي : طرق الذين من قبلكم؛ وقد بينا ذلك فيما سلف من الكتاب.