وقوله - جل ثناؤه - :
إن الله لا يظلم مثقال ذرة ؛ " مثقال " : " مفعال " ؛ من " الثقل " ؛ أي : ما كان وزنه الذرة؛ وقيل : لكل ما يعمل " وزن مثقال " ؛ تمثيلا؛ لأن الصلاة والصيام والأعمال لا وزن لها؛ لكن الناس خوطبوا فيما في قلوبهم بتمثيل ما يدرك بأبصارهم؛ لأن ذلك - أعني ما يبصر - أبين لهم؛ وقوله - عز وجل - :
وإن تك حسنة يضاعفها ؛ الأصل في " تكن " : " تكون " ؛ فسقطت الضمة للجزم؛ وسقطت الواو لسكونها؛ وسكون النون؛ فأما سقوط النون من " تكن " ؛ فأكثر الاستعمال جاء في القرآن بإثباتها؛ وإسقاطها قليل؛ قال الله - عز وجل - :
إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ؛
[ ص: 53 ] فاجتمع في النون أنها تشبه حروف اللين؛ وأنها ساكنة؛ فحذفت استخفافا لكثرة الاستعمال؛ كما قالوا : " لا أدر " ؛ و " لم أبل " ؛ والأجود " لم أبال " ؛ و " لا أدري " ؛ و " حسنة " ؛ يكون فيها الرفع؛ والنصب؛ المعنى : وإن تكن فعلته حسنة يضاعفها؛ ومن قرأ : " وإن تكن حسنة " ؛ بالرفع؛ رفع على اسم " كان " ؛ ولا خبر لها؛ وهي ههنا في مذهب التمام؛ والمعنى : وإن تحدث حسنة يضاعفها.
ويؤت من لدنه أجرا عظيما ؛ " ويؤت " ؛ بغير ياء؛ سقطت الياء للجزم؛ معطوف على " يضاعفها " ؛ ووقعت " لدن " ؛ وهي في موضع جر؛ وفيها لغات؛ يقال : " لد " ؛ و " لدن " ؛ و " لدن " ؛ و " لدى " ؛ والمعنى واحد؛ ومعناه : من قبله؛ إلا أنها لا تتمكن تمكن " عند " ؛ لأنك تقول : " هذا القول عندي صواب " ؛ ولا يقال : " الوقت لدني صواب " ؛ وتقول : " عندي مال عظيم " ؛ والمال غائب عنك؛ و " لدن " ؛ لما يليك.