وقوله :
ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم ؛ " ألم تر " : ألم تخبر؛ في قول بعضهم؛ وقال أهل اللغة : ألم تعلم؛ وتأويله سؤال فيه معنى الإعلام؛ تأويله : اعلم قصتهم؛ وعلى مجرى اللغة : " ألم ينته علمك إلى هؤلاء؟ " ؛ ومعنى " يزكون أنفسهم " : أي : يزعمون أنهم أزكياء؛ وتأويل قولنا : " زكاء الشيء " ؛ في اللغة : نماؤه في الصلاح؛ وهذا أيضا يعنى به اليهود؛ وكانوا جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأطفالهم؛ فقالوا : يا
محمد؛ أعلى هؤلاء ذنوب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا " ؛ فقالوا : كذا نحن؛ ما نعمل بالليل يغفر بالليل؛ وما نعمل بالنهار يغفر بالنهار؛ قال الله - عز وجل - :
بل الله يزكي من يشاء ؛ أي : يجعل من يشاء زاكيا؛
ولا يظلمون فتيلا ؛ تأويله : ولا يظلمون مقدار فتيل؛ قال بعضهم : الفتيل ما تفتله بين إصبعيك من الوسخ؛ قال بعضهم : الفتيل ما كان في باطن النواة من لحائها؛ وقالوا في التفسير : ما كان في ظهرها؛ وهو الذي تنبت منه النخلة؛ والقطمير : جملة ما التف عليها من لحائها.