وقوله :
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة ؛ فذا خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ يراد به الخلق؛ ومخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تكون للناس جميعا؛ لأنه - عليه السلام - لسانهم؛ والدليل على ذلك قوله :
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ؛ فنادى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده وصار الخطاب شاملا له ولسائر أمته؛ فمعنى
[ ص: 80 ] "
ما أصابك من حسنة فمن الله " : أي : ما أصبتم من غنيمة؛ أو أتاكم من خصب؛ فمن تفضل الله؛
وما أصابك من سيئة ؛ أي : من جدب؛ أو غلبة في حرب؛
فمن نفسك ؛ أي : أصابكم ذلك بما كسبتم؛ كما قال الله - جل وعز -
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ؛ ومعنى
وأرسلناك للناس رسولا معنى " الرسول " ؛ ههنا؛ مؤكد لقوله :
وأرسلناك ؛ لأن " وأرسلناك للناس " ؛ تدل على أنه رسول؛
وكفى بالله شهيدا ؛ أي : الله قد شهد أنه صادق؛ وأنه رسوله؛ و " شهيدا " ؛ منصوب على التمييز؛ لأنك إذا قلت : " كفى الله " ؛ ولم تبين في أي شيء الكفاية؛ كنت مبهما؛ والفاء دخلت في قوله - جل وعز - :
ما أصابك من حسنة فمن الله ؛ لأن الكلام في تقدير الجزاء؛ وهو بمنزلة قولك : " إن تصبك حسنة فمن الله " .