فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ؛ و " عسى " : ترج؛ وما أمر الله به أن يرجى من رحمته فبمنزلة الواقع؛ كذلك الظن بأرحم الراحمين؛ وقوله :
وكان الله عفوا غفورا ؛ تأويل " كان " ؛ في هذا الموضع قد اختلف فيه الناس؛ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : " كان غفورا لعباده؛ وعن عباده؛ قبل أن يخلقهم " ؛ وقال النحويون البصريون : " كأن القوم شاهدوا من الله رحمة فأعلموا أن ذلك ليس بحادث؛ وأن الله لم يزل كذلك " ؛ وقال قوم من النحويين : " كان " ؛
[ ص: 96 ] و " فعل " ؛ من الله؛ بمنزلة ما في الحال؛ فالمعنى - والله أعلم - : والله عفو غفور؛ والذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وغيره أدخل في اللغة؛ وأشبه بكلام
العرب ؛ وأما القول الثالث فمعناه يؤول إلى ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ؛
nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه ؛ إلا أن يكون الماضي بمعنى الحال يقل؛ وصاحب هذا القول له من الحجة قولنا : " غفر الله لفلان " ؛ بمعنى " ليغفر الله له " ؛ فلما كان في الحال دليل على الاستقبال؛ وقع الماضي مؤديا عنها استخفافا؛ لأن اختلاف ألفاظ الأفعال إنما وقع لاختلاف الأوقات؛ فإذا أعلمت الأحوال والأوقات؛ استغني بلفظ بعض الأفعال عن لفظ بعض؛ الدليل على ذلك قوله - جل وعز - :
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ؛ وقوله :
ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ؛ معناه : " من يتب " ؛ و " من يجئ بالحسنة يعط عشر أمثالها.