وقوله - عز وجل -:
وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ؛ ويقرأ: " وإذ واعدنا موسى " ؛ وكلاهما جائز حسن؛ واختار جماعة من أهل اللغة " وإذ وعدنا " ؛ بغير ألف؛ وقالوا: إنما اخترنا هذا لأن المواعدة إنما تكون لغير الآدميين؛ فاختاروا " وعدنا " ؛ وقالوا: دليلنا قوله - عز وجل -:
إن الله وعدكم وعد الحق ؛ وما أشبه هذا؛ وهذا الذي ذكروه ليس مثل هذا؛ و " واعدنا " ؛ هنا؛ جيد بالغ؛ لأن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة؛ فهو من الله - عز وجل - وعد؛ ومن
موسى قبول؛ واتباع؛ فجرى مجرى المواعدة. وقوله - عز وجل -:
ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ؛ ذكرهم بكفر آبائهم مع هذه الآيات العظام؛ وأعلمهم أن كفرهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مع وضوح أمره؛ وما وقفوا عليه من خبره في كتبهم؛ ككفر آبائهم؛ وكان في ذكر هذه الأقاصيص دلالة على تثبيت نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن هذه الأقاصيص ليست من علوم العرب؛ وإنما هي من علوم أهل الكتاب؛ فأنبأهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما في كتبهم؛ وقد علموا أنه من العرب الذين لم يقرؤوا كتبهم؛
[ ص: 134 ] فعلموا أنه لم يعلم هذه الأقاصيص إلا من جهة الوحي؛ ففي هذه الآيات إذكارهم بالنعمة عليهم في أسلافهم؛ وتثبيت أمر الرسالة؛ كما وصفنا.