[ ص: 100 ] وقوله :
ولا تهنوا في ابتغاء القوم ؛ هذا خطاب للمؤمنين؛ والقوم ههنا : الكفار الذين هم حرب المؤمنين؛ وتأويل : " لا تهنوا " ؛ في اللغة : لا تضعفوا؛ يقال : " وهن الرجل؛ يهن " ؛ إذا ضعف؛ فهو " وهن " ؛ ومعنى " ابتغاء القوم " : طلب القوم بالحرب؛ وقوله :
إن تكونوا تألمون فإنهم ؛ أي : إن تكونوا توجعون؛ فإنهم يجدون من الوجع بما ينالهم من الجراح والتعب كما تجدون؛ وأنتم مع ذلك
وترجون من الله ما لا يرجون ؛ أي : أنتم ترجون النصر الذي وعدكم الله به؛ وإظهار دينكم على سائر أديان أهل الملل المخالفة لأهل الإسلام؛ وترجون مع ذلك الجنة؛ وهم - أعني المشركين - يرجون الجنة؛ لأنهم كانوا غير مقرين بالبعث؛ فأنتم ترجون من الله ما لا يرجون؛ قال بعض أهل التفسير : معنى " ترجون " ؛ ههنا : تخافون؛ وأجمع أهل اللغة الموثوق بعلمهم أن الرجاء ههنا على معنى الأمل؛ لا على تصريح الخوف؛ وقال بعضهم : الرجاء لا يكون بمعنى الخوف إلا مع الجحد؛ قال الشاعر :
لا ترتجي حين تلاقي الذائدا ... أسبعة لاقت معا أم واحدا
معناه : لا تخاف؛ وكذلك قوله - عز وجل - :
ما لكم لا ترجون لله وقارا ؛ أي : لا تخافون لله عظمة؛ ولا عظة؛ وإنما اشتمل الرجاء على معنى الخوف؛ لأن الرجاء أمل قد يخاف ألا يتم.