وقوله :
إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ؛ قيل فيه غير قول؛ قال بعضهم : يعنى به اليهود؛ لأنهم آمنوا بموسى؛ ثم كفروا بعزير؛ ثم آمنوا بعزير؛ ثم كفروا بعيسى؛ ثم ازدادوا كفرا بكفرهم
بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ وقيل : جائز أن يكون محارب آمن؛ ثم كفر؛ ثم آمن؛ ثم كفر؛ وقيل : جائز أن يكون منافق أظهر الإيمان؛ وأبطن الكفر؛ ثم آمن بعد؛ ثم كفر؛ وازداد كفرا بإقامته على الكفر.
[ ص: 120 ] فإن قال قائل : الله - جل وعز - لا يغفر كفر مرة واحدة؛ فلم قيل ههنا فيمن آمن ثم كفر؛ ثم آمن؛ ثم كفر :
لم يكن الله ليغفر لهم ؛ وما الفائدة في هذا؟ فالجواب في هذا - والله أعلم - أن الله - عز وجل - يغفر للكافر إذا آمن بعد كفره؛ فإن كفر بعد إيمانه لم يغفر الله له الكفر الأول؛ لأن الله - جل وعز - يقبل التوبة؛ فإذا كفر بعد إيمان قبله كفر فهو مطالب بجميع كفره؛ ولا يجوز أن يكون إذا آمن بعد ذلك لا يغفر له؛ لأن الله - جل ثناؤه - يغفر لكل مؤمن بعد كفره؛ والدليل على ذلك قوله - جل وعز - :
وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ؛ وهذا في القرآن كثير؛ وهو شبيه بالإجماع أيضا؛ ومعنى :
ولا ليهديهم سبيلا ؛ أي : لا يجعلهم بكفرهم مهتدين؛ بل يضلهم؛ لأنه - جل وعز - يضل الفاسقين.