وقوله :
وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ؛ أي : باعترافهم بقتلهم إياه؛
وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ؛ فإنما عذبوا؛ أو يعذبون عذاب من قتل؛ أو كان شبه لهم لأنهم قد أتوا الأمر على أنه قتل نبي؛ وجاء في التفسير أن
عيسى لما أراد الله - جل ثناؤه - رفعه إليه؛ وتطهيره منهم؛ قال لأصحابه : " أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي؛ فيقتل؛ ويصلب؛ ويدخل الجنة؟ " ؛ فقال رجل منهم : " أنا " ؛ فألقي عليه شبهه؛ فقتل؛ ورفع الله
عيسى إليه؛ وهذا كله غير ممتنع؛ لأنا لا نشك في أنه شبه لهم؛ وقوله :
وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ؛ أي : الذين اختلفوا في قتله شاكون؛ لأن بعضهم زعم أنه إله؛ وما قتل؛ وبعضهم ذكر أنه قتل؛ وهم في ذلك شاكون؛
ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ؛ " اتباع " ؛ منصوب بالاستثناء؛ وهو استثناء ليس من الأول؛ المعنى : ما لهم به من علم؛ لكنهم يتبعون الظن؛ وإن رفع جاز؛ على أن يجعل عليهم اتباع الظن؛ كما تقول
العرب : " تحيتك الضرب؛ وعتابك السيف " ؛ قال الشاعر :
وخيل قد دلفت لها بخيل ... تحية بينهم ضرب وجيع
وقوله - عز وجل - :
وما قتلوه يقينا ؛
[ ص: 129 ] قال بعضهم : الهاء للعلم؛ المعنى : " وما قتلوا علمهم يقينا " ؛ كما تقول : " أنا أقتل الشيء علما " ؛ تأويله : إني أعلمه علما تاما؛ وقال بعضهم : " وما قتلوه " ؛ الهاء لـ "
عيسى " ؛ كما قال :
وما قتلوه وما صلبوه ؛ وكلا القولين جائز.