وقوله - عز وجل - :
يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ؛ " الشعائر " : واحدتها " شعيرة " ؛ ومعناه : ما أشعر؛ أي : أعلم ليهدى إلى بيت الله الحرام؛ وقال قوم : " شعائر الله " ؛ يعنى به جميع متعبدات الله التي أشعرها الله؛ أي : جعلها أعلاما لنا؛
ولا الهدي ؛ " الهدي " : واحدته " هدية " ؛ مثل " جدية " ؛ و " جدي " ؛ يعني حدبة السرج؛ و " القلائد " : كانوا يقلدون بلحاء الشجر؛ ويعتصمون بذلك؛ وهذا كله كان للمشركين؛ وكان قد أمر المسلمون بألا يحلوا هذه الأشياء التي يتقرب بها المشركون إلى الله؛ وكذلك
ولا آمين البيت الحرام ؛ وهذا كله منسوخ؛ وكذلك
ولا الشهر الحرام ؛ وهو " المحرم " ؛ لأن القتال كان مرفوعا فيه؛ فنسخ جميع ذلك قوله :
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد [ ص: 143 ] وقوله :
وإذا حللتم فاصطادوا ؛ هذا اللفظ أمر؛ ومعناه الإباحة؛ لأن الله - عز وجل - حرم الصيد على المحرم؛ وأباحه له إذا حل من إحرامه؛ ليس أنه واجب عليه إذا حل أن يصطاد؛ ومثله قوله :
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ؛ تأويله أنه أبيح لكم بعد الفراغ من الصلاة؛ ومثل ذلك في الكلام : " لا تدخلن هذه الدار حتى تؤدي ثمنها " ؛ فإذا أديت فادخلها؛ تأويله : " فإذا أديت فقد أبيح لك دخولها؛ وقوله :
ولا يجرمنكم شنآن قوم أي : لا يحملنكم بغض قوم؛ يقال : " شنئته شنآنا " ؛ معناه : أبغضته إبغاضا؛ و " الشنآن " ؛ مصدر؛ مثل " غلى؛ غليانا " ؛ و " نزا؛ نزوانا " ؛ فالمعنى : لا يكسبنكم بغض قوم أن تعتدوا؛ وموضع " أن " : نصب؛ أي : " تعتدوا لأن صدوكم عن المسجد الحرام " ؛ فموضع " أن " ؛ الأولى : نصب؛ مفعول له؛ وموضع " أن " ؛ الثانية : نصب؛ مفعول به؛ المعنى : " لا يكسبنكم بغض قوم - أي : بغضكم قوما - الاعتداء؛ بصدهم إياكم عن المسجد الحرام " ؛ يقال : " فلان جريمة أهله " ؛ أي : هو كاسبهم؛ وقيل : في التفسير : " لا يحملنكم بغض قوم " ؛ والمعنى واحد؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13676الأخفش : لا يحقن لكم بغض قوم " ؛ وهذه ألفاظ مختلفة؛ والمعنى واحد. وقوله - عز وجل - :
وتعاونوا على البر والتقوى [ ص: 144 ] وهذا كله منسوخ؛ إلا التعاون من المسلمين على البر.