وقوله :
قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها ؛ أي : لسنا نقبل مشورة في دخولها؛ ولا أمرا؛ وفيها هؤلاء الجبارون؛ فأعلم الله - جل ثناؤه - أن أهل الكتاب هؤلاء غير قابلين من الأنبياء قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وأن الخلاف شأنهم؛ وفي هذا الإعلام دليل على تصحيح نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أعلمهم
[ ص: 164 ] ما لا يعلم إلا من قراءة كتاب؛ أو إخبار؛ أو وحي؛ والنبي - صلى الله عليه وسلم - منشؤه معروف بالخلو من ذكر أقاصيص بني إسرائيل؛ وبحيث لا يقرأ كتبهم؛ فلم يبق في علم ذلك إلا الوحي؛ وقوله :
فاذهب أنت وربك فقاتلا ؛ كلام
العرب : " اذهب أنت وزيد " ؛ والنحويون يستقبحون " اذهب وزيد " ؛ لأنه لا يعطف بالاسم الظاهر على المضمر؛ والمضمر في النية لا علامة له؛ فكان الاسم يصير معطوفا على ما هو متصل بالفعل؛ غير مفارق له؛ فأما قوله :
فأجمعوا أمركم وشركاءكم ؛ فمن رفع فإنما يجوز ذلك؛ لأن المفعول يقوي الكلام؛ وكذلك " ضربت زيدا وعمرو " ؛ كما يقوي الكلام دخول " لا " ؛ قال الله - جل ثناؤه - :
لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا