وقوله :
ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ؛ أي : لو عملوا بما فيهما؛ ولم يكتموا ما علموا من ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهما؛
وما أنـزل إليهم من ربهم ؛ وهو - والله أعلم - القرآن؛ أي : لو عملوا بما في هذه الكتب من ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وأظهروا أمره؛
لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ؛ قيل : إنه كان أصابهم جدب؛ فأعلم الله أنهم لو اتقوا لأوسع عليهم في رزقهم؛ ودل بهذا على ما أصابهم من الجدب فيما عاقبهم به؛ ومعنى
لأكلوا من فوقهم ؛ أي : لأكلوا من قطر السماء؛
ومن تحت أرجلهم ؛ من نبات الأرض؛ وقيل : قد يكون هذا من جهة التوسعة؛ كما تقول : " فلان في خير من قرنه إلى قدمه " ؛ وقد أعلم الله - جل وعز - أن التقى سعة في الرزق؛ فقال :
ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا ؛ وقال :
ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ؛ وقال في قصة
نوح :
استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ؛ وهي البساتين؛ فوعدهم الله أتم الغنى على الإيمان والاستغفار؛ وقوله :
منهم أمة مقتصدة ؛
[ ص: 192 ] أي : من أهل الكتاب؛ قال بعضهم : يعنى بهذا من آمن منهم؛ وقيل : يعنى به طائفة لم تناصب النبي - صلى الله عليه وسلم - مناصبة هؤلاء؛ والذي أظنه - والله أعلم - أنه لا يسمي الله من كان على شيء من الكفر مقتصدا؛
وكثير منهم ساء ما يعملون ؛ المعنى : بئس شيئا عملهم.