وقوله :
قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر ؛ يجوز في القراءة " ينجيكم " ؛ بالتخفيف؛ لقوله :
لئن أنجيتنا ؛ و
لئن أنجانا ؛ والأجود " ينجيكم " ؛ بالتشديد؛ للكثرة؛ ومعنى " ظلمات البر والبحر " : " شدائد البر؛ والبحر " ؛
والعرب تقول لليوم الذي تلقى فيه شدة : " يوم مظلم " ؛ حتى إنهم يقولون : " يوم ذو كواكب " ؛ أي : قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل؛ قال الشاعر :
[ ص: 259 ] بني أسد هل تعلمون بلاءنا ... إذا كان يوم ذو كواكب أشهب
وأنشدوا :
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي ... إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا
فمعنى " ظلمات البر والبحر " : " شدائدهما " ؛ وقوله :
تدعونه تضرعا وخفية ؛ بالضم؛ والكسر؛ في " خفية " ؛ والمعنى : تدعونه مظهرين الضراعة؛ وهي شدة الفقر إلى الشيء؛ والحاجة؛ و " تدعونه خفية " ؛ أي : تدعونه في أنفسكم؛ تضمرون في فقركم؛ وحاجاتكم إليه؛ كما تضمرون؛ وقوله :
لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين ؛ أي : في أي شدة وقعتم قلتم : " لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين " ؛ فأمر الله - عز وجل - أن يسألهم على جهة التوبيخ لهم؛ والتقرير بأنه ينجيهم؛