وقوله :
وجعلوا لله شركاء الجن ؛ المعنى أنهم أطاعوا الجن فيما سولت لهم من شركهم؛ فجعلوهم شركاء لله - عز وجل -؛ وكان بعضهم ينسب إلى الجن الأفعال التي لا تكون إلا لله - عز وجل -؛ فقال :
وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم ؛ فالهاء والميم إن شئت كانت عائدة عليهم؛ أي : فجعلوا لله الذي خلقهم شركاء لا يخلقون؛ وجائز أن تكون الهاء والميم تعودان على الجن؛ فيكون المعنى : " وجعلوا لله شركاء الجن والله خلق الجن؛ وكيف يكون الشريك لله المحدث الذي لم يكن؛ ثم كان؟ " ؛ فأما نصب " الجن " ؛ فمن وجهين؛ أحدهما أن يكون " الجن " ؛ مفعولا؛ فيكون المعنى : " وجعلوا لله الجن شركاء " ؛ ويكون الشركاء مفعولا ثانيا؛ كما قال :
وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ؛ وجائز أن يكون " الجن " ؛ بدلا من " شركاء " ؛ ومفسرا للشركاء؛ وقوله :
وخرقوا له بنين وبنات بغير علم ؛
[ ص: 278 ] معنى " خرقوا " : اختلقوا؛ وكذبوا؛ وذلك لأنهم زعموا أن الملائكة بنات الله؛ وزعمت النصارى أن
المسيح ابن الله؛ وذكرت اليهود أن عزيرا ابن الله؛ فأعلم - جل ثناؤه - أنهم اختلقوا ذلك بغير علم؛ أي : لم يذكروه عن علم؛ وإنما ذكروه تكذيبا؛ وقوله :
سبحانه وتعالى ؛ أي : براءته من السوء؛ ومعنى " سبحانه " : التبرئة من كل سوء؛ لا اختلاف بين أهل اللغة في
معنى التسبيح أنه التبرئة لله - جل وعز.