وقوله :
ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ؛ نهوا في ذلك الوقت؛ قبل القتال؛ أن يلعنوا الأصنام التي يعبدها المشركون.
[ ص: 281 ] فيسبوا الله عدوا بغير علم ؛ أي : فيسبوا الله ظلما؛ وقال بعضهم : " فيسبوا الله عدوا " ؛ و " عدوا " ؛ ههنا؛ في معنى " جماعة " ؛ كأنه قيل : " فيسبوا الله أعداء " ؛ و " عدوا " ؛ منصوب في هذا القول على الحال؛ و " عدوا " ؛ منصوب على المصدر؛ على إرادة اللام؛ لأن المعنى : " فيعتدون عدوا " ؛ أي : " يظلمون ظلما " ؛ ويكون بإرادة اللام؛ أي : " فيسبوا الله للظلم " ؛ وفيها وجه آخر : " فيسبوا الله عدوا " ؛ بضم الدال؛ وهو في معنى " عدوا " ؛ ويقال في الظلم : " عدا فلان عدوا؛ وعدوا؛ وعدوانا؛ وعداء " ؛ أي : ظلما جاوز فيه القدر.
وقوله (تعالى) - عز وجل - :
كذلك زينا لكل أمة عملهم ؛ فيه غير قول؛ أنه بمنزلة " طبع الله على قلوبهم " ؛ فذلك تزيين أعمالهم؛ قال الله - عز وجل - :
بل طبع الله عليها بكفرهم ؛ وقال بعضهم : " زينا لكل أمة عملهم " ؛ أي : " زين لكل أمة العمل الذي هو فرض عليهم " ؛ والقول الأول أجود؛ لأنه بمنزلة طبع الله على قلوبهم؛ والدليل على ذلك؛ ونقض هذا؛ قوله :
أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء