وقوله :
وأقسموا بالله جهد أيمانهم ؛ أي : اجتهدوا في المبالغة في اليمين؛
لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ؛
[ ص: 282 ] وإنما حلفوا على ما اقترحوا هم من الآيات؛ وإنما قالوا :
لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ؛ إلى قوله :
والملائكة قبيلا ؛ أي : تأتي بهم كفيلا؛ أي : يكفلون؛ فأعلم الله - عز وجل - أن الآيات عند الله؛ ويروى أن المؤمنين قالوا : لو أنزل عليهم آية لعلهم كانوا يؤمنون؛ فقال الله - عز وجل - :
قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ؛ أي : وما يدريكم؟ أي : لستم تعلمون الغيب؛ فلا تدرون أنهم يؤمنون؛ كما تقول للرجل إذا قال لك : " افعل بي كذا وكذا حتى أفعل كذا وكذا " ؛ مما لا تعلم أنه يفعله لا محالة : " ما يدريك " ؛ ثم استأنف فقال :
أنها إذا جاءت لا يؤمنون ؛ هذه هي القراءة؛ وقرئت أيضا : " إنها إذا جاءت لا يؤمنون " ؛ وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل أن معناها : " لعلها إذا جاءت لا يؤمنون " ؛ وهي قراءة أهل
المدينة ؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل : إنها كقولهم " إيت السوق أنك تشتري شيئا " ؛ أي : " لعلك " ؛ وقد قال بعضهم : إنها " أن " ؛ التي على أصل الباب؛ وجعل " لا " ؛ لغوا؛ قال : والمعنى : " وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون " ؛ كما قال - عز وجل - :
وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ؛
[ ص: 283 ] والقول الأول أقوى؛ وأجود في العربية؛ والكسر أحسنها؛ وأجودها؛ والذي ذكر أن " لا " ؛ لغو؛ غالط؛ لأن ما كان لغوا لا يكون غير لغو؛ من قرأ : " إنها إذا جاءت " ؛ بكسر " إن " ؛ فالإجماع أن " لا " ؛ غير لغو؛ فليس يجوز أن يكون معنى لفظة مرة النفي؛ ومرة الإيجاب؛ وقد أجمعوا أن معنى " أن " ؛ ههنا؛ إذا فتحت؛ معنى " لعل " ؛ والإجماع أولى بالاتباع؛ وقد بينت الحجة في دفع ما قاله من زعم أن " لا " ؛ لغو.