ثم قال :
[ ص: 300 ] قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ؛ فأعلمهم - صلى الله عليه وسلم - أن التحريم؛ والتحليل؛ إنما يقبله بالوحي؛ أو التنزيل؛ فقال :
قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ؛ و " المسفوح " : المصبوب؛ فكأنه إذا ذبحوا أكلوا الدم؛ كما يأكلون اللحم؛
أو لحم خنـزير ؛ فإنه رجس؛ و " الرجس " : اسم لما يستقذر؛ وللعذاب؛
أو فسقا أهل لغير الله به ؛ أي : رفع الصوت على ذبحه باسم غير الله؛ وكانوا يذكرون أسماء أوثانهم على ذبائحهم؛ فـ " فسقا " ؛ عطف على " لحم خنزير " ؛ المعنى : " إلا أن يكون المأكول ميتة أو دما مسفوحا؛ أو لحم خنزير؛ أو فسقا " ؛ فسمي ما ذكر عليه غير اسم الله " فسقا " ؛ أي : خروجا من الدين؛
فمن اضطر غير باغ ؛ أي : دعته الضرورة إلى أكله؛ فأكله غير باغ؛ أي : غير قاصد لتحليل ما حرم الله؛
ولا عاد ؛ أي : ولا مجاوز للقصد؛ وقدر الحاجة؛ و " العادي " : الظالم؛
فإن ربك غفور رحيم ؛ أي : يغفر لمن لم يتعد؛ فأما إعراب " آلذكرين " ؛ فالنصب بـ " حرم " ؛ وتثبت ألف المعرفة مع ألف الاستفهام؛ لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر؛
[ ص: 301 ] لأنه لو قيل : " ألذكرين حرم " ؛ بألف واحدة؛ لالتبس الاستفهام بالخبر؛ وقد يجوز مع " أم " ؛ حذف الألف؛ لأن " أم " ؛ تدل على الاستفهام؛ لأنه لو قيل : " ألرجل ضربت أم الغلام " ؛ لدلت " أم " ؛ على أن الأول داخل في الاستفهام؛ وقد أجاز
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن يكون البيت على ذلك؛ وهو قوله :
لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ... شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر
فأجاز أن يكون على "
أشعيث بن سهم؟ " ؛ ولكن القراءة بتبيين الألف الثانية في قوله : " آلذكرين " .