معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
قوله : ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن ؛ الأكثر في القراءة بفتح النون؛ ويجوز " أحسن " ؛ على إضمار " على الذي هو أحسن " ؛ فأما الفتح؛ فعلى أن " أحسن " ؛ فعل ماض؛ مبني على الفتح؛ وأجاز الكوفيون أن يكون في موضع جر؛ وأن يكون صفة " الذي " ؛ وهذا عند البصريين خطأ فاحش؛ زعم البصريون أنهم لا يعرفون " الذي " ؛ إلا موصولة؛ ولا توصف إلا بعد تمام صلتها؛ وقد أجمع الكوفيون معهم على أن الوجه صلتها؛ فيحتاجون أن يثبتوا أنها رفعت موصولة؛ ولا صلة لها؛ فأما دخول " ثم " ؛ في قوله : ثم آتينا ؛ وقد علمنا أن " ثم " ؛ لا يكون الذي بعدها أبدا معناه التقديم؛ وقد علمنا أن القرآن أنزل من بعد موسى؛ وبعد التوراة؛ فقال : [ ص: 306 ] ثم آتينا موسى الكتاب ؛ فإنما دخلت " ثم " ؛ في العطف على التلاوة؛ والمعنى : " قل : تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم؛ أتل عليكم ألا تقتلوا أولادكم؛ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله؛ ثم أتلو ما آتاه الله موسى " ؛ ومعنى " على الذي أحسن " ؛ يكون على " تماما على المحسن " ؛ المعنى : " تماما من الله على المحسنين " ؛ ويكون " تماما على الذي أحسن " ؛ أي : " على الذي أحسنه موسى من طاعة الله واتباع أمره " ؛ ويجوز " تماما على الذي هو أحسن الأشياء " ؛ و " تماما " ؛ منصوب؛ مفعول له؛ وكذلك وتفصيلا لكل شيء ؛ المعنى : " آتيناه لهذه العلة " ؛ أي : للتمام؛ والتفصيل.

التالي السابق


الخدمات العلمية