وقوله - جل وعز - :
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ؛ القراءة : " فله عشر أمثالها " ؛ والمعنى : " فله عشر حسنات أمثالها " ؛ وكما يجوز " عندي خمسة أثوابا " ؛ ويجوز " فله عشر مثلها " ؛ في غير القراءة؛ فيكون " المثل " ؛ في لفظ الواحد؛ وفي معنى الجميع؛ كما قال : " إنكم إذا مثلهم " ؛ ومن قال : " أمثالها " ؛ فهو كقوله :
ثم لا يكونوا أمثالكم ؛ وإنما جاء على المثل التوحيد؛ وأن يكون في معنى الجميع؛ لأنه على قدر ما يشبه به؛ تقول : " مررت بقوم مثلكم " ؛ و " بقوم أمثالكم " .
[ ص: 310 ] فأما معنى الآية فإنه من غامض المعاني التي عند أهل اللغة؛ لأن المجازاة على الحسنة من الله - جل ثناؤه - بدخول الجنة شيء لا يبلغ وصف مقداره؛ فإذا قال : " عشر أمثالها " ؛ أو قال :
مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ؛ مع قوله :
من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ؛ فمعنى هذا كله أن جزاء الله - جل ثناؤه - على الحسنات على التضعيف للمثل الواحد الذي هو النهاية في التقدير في النفوس؛ ويضاعف الله ذلك بما بين عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف؛ إلى أضعاف كثيرة؛ وأجمع المفسرون على قوله :
ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها ؛ لأن " السيئة " ؛ ههنا : الشرك بالله؛ وقالوا : " من جاء بالحسنة " ؛ هي قول : " لا إله إلا الله " ؛
وأصل الحسنات التوحيد؛
وأسوأ السيئات الكفر بالله - جل وعز.