وقوله - جل وعز - :
ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ؛ زعم
nindex.php?page=showalam&ids=13676الأخفش أن " ثم " ؛ ههنا؛ في معنى الواو؛ وهذا خطأ؛ لا يجيزه
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل؛ nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه ؛ وجميع من يوثق بعربيته؛ إنما " ثم " ؛ للشيء الذي يكون بعد المذكور قبله لا غير؛ وإنما المعنى في هذا الخطاب ذكر ابتداء خلق
آدم أولا؛ فإنما المعنى : " إنا بدأنا خلق
آدم ثم صورناه " ؛ فابتداء خلق
آدم التراب؛ الدليل على ذلك قوله - عز وجل - :
إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ؛ فبدأ الله خلق
آدم ترابا؛ وبدأ خلق حواء من ضلع من أضلاعه؛ ثم
[ ص: 322 ] وقعت الصورة بعد ذلك؛ فهذا معنى " خلقناكم ثم صورناكم " ؛ أي : هذا أصل خلقكم؛ ثم خلق الله نطفا؛ ثم صوروا؛ فـ " ثم " ؛ إنما هي لما بعد. وقوله - جل وعز - :
ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ؛ أي : بعد الفراغ من خلق
آدم أمرت الملائكة بالسجود؛ وقوله :
إلا إبليس لم يكن من الساجدين ؛ استثناء ليس من الأول؛ ولكنه ممن أمر بالسجود؛ الدليل على ذلك قوله :
ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ؛ فدل بقوله :
إذ أمرتك ؛ أن إبليس أمر بالسجود؛ مع الملائكة؛ ومعنى
ما منعك ألا تسجد ؛ إلغاء " لا " ؛ وهي مؤكدة؛ المعنى : " ما منعك أن تسجد " ؛ فمسألته عن هذا - والله قد علم ما منعه - توبيخ له؛ وليظهر أنه معاند؛ وأنه ركب المعصية خلافا لله؛ وكل من خالف الله في أمره فلم يره واجبا عليه كافر بإجماع؛ لو ترك تارك صلاة قال : إنها لا تجب؛ كان كافرا بإجماع الأمة؛ فأعلم الله - جل ثناؤه - أن معصية إبليس معصية معاندة وكفر؛ وقد أعلم الله أنه من الكافرين؛ فقال :
إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ؛ فالفصل بين معصية إبليس؛ ومعصية
آدم وحواء؛ أن إبليس عاند؛ وأقام؛ ولم يتب؛ وأن
آدم وحواء اعترفا بالذنب؛ وقالا :
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين