وقوله :
قال اخرج منها مذءوما مدحورا ؛ معنى " مذؤوم " ؛ كمعنى " مذموم " ؛ يقال : " ذأمته؛ أذأمه؛ ذأما " ؛ إذا رعبته؛ وذممته؛ ومعنى " مدحورا " : مبعدا من رحمة الله.
[ ص: 325 ] وقوله :
لمن تبعك منهم ؛ هذه اللام لام القسم؛ تدخل توطئة للأمر؛ " لأملأن " ؛ والكلام بمعنى الشرط والجزاء؛ كأنه قيل : " من تبعك أعذبه " ؛ فدخلت اللام للمبالغة والتوكيد؛ ولام " لأملأن " ؛ لام القسم؛ ولام " من تبعك " ؛ توطئة لها؛ ويجوز في الكلام " والله من جاءك لأضربنه " ؛ ولا يجوز " والله لمن جاءك أضربه " ؛ وأنت تريد " لأضربنه " ؛ ولكن يجوز : " والله لمن جاءك أضربه " ؛ تريد " لأضربنه " ؛ وقال بعضهم - في قوله :
ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم - : أي : لأغوينهم فيما أمروا به؛ وقوله :
وعن شمائلهم ؛ أي : لأغوينهم فيما نهوا عنه؛ والذي أظنه - والله أعلم - على هذا المذهب : " إني أغويهم حتى يكذبوا بأمور الأمم السالفة؛ بالبعث " ؛ كما ذكر في هذا؛ ومعنى :
وعن أيمانهم وعن شمائلهم أي : لأضلنهم فيما يعقلون؛ لأن الكسب يقال فيه : " ذلك بما كسبت يداك " ؛ وإن كانت اليدان لم تجنيا شيئا؛ إلا أنه يقال لكل ما عمله عامل : " كسبت يداك " ؛ لأن اليدين الأصل في التصرف؛ فجعلتا مثلا لجميع ما عمل بغيرهما؛ قال الله - عز وجل - :
ذلك بما قدمت يداك ؛ وقال :
ذلك بما قدمت أيديكم [ ص: 326 ] وقال :
تبت يدا أبي لهب وتب ؛ ثم فسر فقال :
ما أغنى عنه ماله وما كسب