وقوله :
فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ؛ معناه : إنه أضل فريقا؛ حق عليهم الضلالة؛ ثم قال :
إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ؛ ولو قرئت : " أنهم اتخذوا الشياطين " ؛ لكانت تجوز؛ ولكن الإجماع على الكسر؛ وقوله :
ويحسبون أنهم مهتدون ؛ يدل على أن قوما ينتحلون الإسلام؛ ويزعمون أن من كان كافرا؛ وهو لا يعلم أنه كافر؛ فليس بكافر؛ مبطلون لأمر نحلتهم؛ لأن الله - جل ثناؤه - قد أعلمنا أنهم يحسبون أنهم مهتدون؛ ولا اختلاف بين أهل اللغة في أن الحسبان ليس تأويله غير ما يعلم من معنى " حسب " ؛ والدليل على أن الله قد سماهم بظنهم " كفرة " ؛ قوله - عز وجل - :
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ؛ فأعلم أنهم بالظن كافرون؛ وأنهم معذبون.
[ ص: 332 ] وقوله :
يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ؛ هذا
أمر بالاستتار في الصلوات؛ وكان أهل الجاهلية يطوفون عراة؛ ويقولون : لا نطوف حول البيت في ثياب قد أذنبنا فيها؛ وكانت المرأة تطوف عريانة أيضا؛ إلا أنها كانت تشد في حقويها أشياء من سيور مقطعة؛ تسمي
العرب ذلك " الرهط " ؛ قالت امرأة تطوف وعليها رهط :
اليوم يبدو بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحله
تعني الفرج؛ لأن السيور لا تستر سترا تاما؛ فأمر الله بعد ذكره عقوبة
آدم ؛
وحواء؛ في أن بدت لهما سوءاتهما؛ بالاستتار في وقت كل صلاة؛ بعد أن أعلم أن التعري وظهور السوءة مكروه من لدن
آدم ؛