ثم أعلم الله - جل ثناؤه - أنه قد أعطاه من كل شيء يحتاج من أمر الدين؛ مع ما أراه من الآيات؛ فقال - جل وعز - :
وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء ؛ وقيل في التفسير : إنهما كانا لوحين؛ ويجوز في اللغة أن يقال للوحين : " ألواح " ؛ ويجوز أن يكون " ألواح " ؛ جمع أكثر من اثنين؛ وقوله :
فخذها بقوة ؛ أي : خذها بقوة في دينك؛ وحجتك؛ وقوله :
وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ؛ في هذا وجهان؛ وهو نحو قوله :
الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ؛ ونحو قوله :
واتبعوا أحسن ما أنـزل إليكم من ربكم ؛ فيحتمل وجهين؛ أحدهما أنهم أمروا بالخير؛ ونهوا عن الشر؛ وعرفوا ما لهم في ذلك؛ فقيل : " وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " ؛ ويجوز أن يكون نحو ما أمرنا به من الانتصار بعد الظلم؛ ونحو القصاص في الجروح؛ إذ قال :
ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ؛
ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ؛ فهذا كله حسن؛ والعفو أحسن من القصاص؛ والصبر أحسن من الانتصار.