[ ص: 376 ] وقوله :
سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ؛ أي : أجعل جزاءهم الإضلال عن هداية آياتي؛ ومعنى " يتكبرون " : أي أنهم يرون أنهم أفضل الخلق؛ وأن لهم من الحق ما ليس لغيرهم؛ وهذه الصفة لا تكون إلا لله - جل ثناؤه - خاصة؛ لأن الله - تبارك وتعالى - هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس [يوجد] مثله؛ وذلك يستحق أن يقال له : " المتكبر " ؛ وليس لأحد أن يتكبر؛ لأن الناس في الحقوق سواء؛ فليس لأحد ما ليس لغيره؛ والله - جل ثناؤه - المتكبر؛ أعلم الله أن هؤلاء يتكبرون في الأرض بغير الحق؛ وقوله :
وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ؛ و " سبيل الغي هو سبيل الضلال؛ يقال : " غوى الرجل؛ يغوي؛ غيا؛ وهو غاو " ؛ إذا ضل؛ وقوله :
ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا ؛ " ذلك " ؛ يصلح أن يكون رفعا؛ أي : " إن أمرهم ذلك " ؛ ويجوز أن يكون نصبا على معنى " فعل الله بهم ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا " ؛
وكانوا عنها غافلين ؛ " غافلين " ؛ يصلح أن يكون - والله أعلم - كانوا في تركهم الإيمان بها؛ والنظر فيها؛ والتدبر لها؛ بمنزلة الغافلين؛ ويجوز أن يكون " وكانوا عن جوابها غافلين " ؛ كما تقول : " ما أغفل فلانا عما يراد به! " .