ثم بين لهم ما دلهم على توحيد الله - عز وجل -؛ فقال :
هو الذي خلقكم من نفس واحدة ؛ يعني
آدم ؛
وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها ؛
[ ص: 395 ] كناية عن الجماع؛ أحسن كناية؛
حملت حملا خفيفا ؛ يعني المني؛ و " الحمل " : ما كان في البطن - بفتح الحاء -؛ أو أخرجته الشجرة؛ و " الحمل " ؛ بكسر الحاء : ما يحمل؛ وقوله :
فمرت به ؛ معنى " مرت به " : استمرت؛ قعدت؛ وقامت؛ لم يثقلها؛
فلما أثقلت ؛ أي : دنت ولادتها؛ لأنه أول أمره كان خفيفا؛ فلما جعل إنسانا؛ ودنت الولادة أثقلت؛ وقوله :
دعوا الله ربهما ؛ أي : دعا
آدم؛ وحواء؛ ربهما؛
لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ؛ يروى في التفسير أن إبليس - عليه اللعنة - جاء إلى
حواء؛ فقال : أتدرين ما في بطنك؟ فقالت : " لا أدري " ؛ قال : فلعله بهيمة؛ ثم قال : " إن دعوت الله أن يجعله إنسانا؛ أتسمينه باسمي؟ فقالت : " نعم " ؛ فسمته " عبد الحارث " ؛ وهو الحارث؛ وهذا يروى في التفسير؛ وقيل : إن
آدم ؛
وحواء؛ أصل؛ فضرب هذا مثلا لمشركي
العرب ؛ وعرفوا كيف بدأ الخلق؛ فقيل : فلما آتاهما الله؛ لكل ذكر وأنثى؛ آتاه الله ولدا ذكرا؛ أو أنثى؛ هو خلقه وصوره.
[ ص: 396 ] جعلا له شركاء ؛ يعني الذين عبدوا الأصنام؛
فتعالى الله عما يشركون ؛ الأول هو الذي عليه التفسير؛ ومن قرأ : " شركا " ؛ فهو مصدر " شركت الرجل؛ أشركه؛ شركا " ؛ قال بعضهم : كان ينبغي أن يكون على قراءة من قرأ : " شركا " ؛ " جعلا لغيره شركا " ؛ يقول : لأنهما لا ينكران أن الأصل الله - عز وجل -؛ فالشرك إنما يجعل لغيره؛ وهذا على معنى " جعلا له ذا شرك " ؛ فحذف " ذا " ؛ مثل
واسأل القرية