وقوله :
والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ؛ أكثر التفسير إنما هو للمشركين؛ وقد قيل : إنها فيمن منع الزكاة من أهل القبلة؛ لأن من أدى من ماله زكاته فقد أنفق في سبيل الله ما يجب من ماله؛ وقوله :
ويأبى الله إلا أن يتم نوره ؛ دخلت " إلا " ؛ ولا جحد في الكلام؛ وأنت لا تقول : " ضربت إلا زيدا " ؛ لأن الكلام غير دال على المحذوف؛ وإذا قلت :
ويأبى الله إلا أن يتم نوره ؛ فالمعنى : " يأبى الله كل شيء إلا أن يتم نوره " ؛ وزعم بعض النحويين أن في " يأبى " ؛ طرفا من الجحد؛ والجحد؛ والتحقيق؛ ليسا بذي أطراف؛ وآلة الجحد " لا " ؛ و " ما " ؛ و " لم " ؛ و " لن " ؛ و " ليس " ؛ فهذه لا أطراف لها؛ ينطق بها على حالها؛ ولا يكون الإيجاب جحدا؛ ولو جاز هذا على أن فيه طرفا من الجحد؛ لجاز " كرهت إلا أخاك " ؛ ولا دليل ههنا على
[ ص: 445 ] المكروه؛ ما هو؛ ولا من هو؛ فـ " كرهت " ؛ مثل " أبيت " ؛ إلا أن " أبيت " ؛ الحذف مستعمل معها؛ وقوله :
ولا ينفقونها في سبيل الله ؛ فقال :
الذهب والفضة ؛ ولم يقل : " ولا ينفقونهما في سبيل الله " ؛ فإنما جاز ذلك لأن المعنى " يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقون المكنوز في سبيل الله " ؛ ويجوز أن يكون محمولا على الأموال؛ فيكون : " ولا ينفقونها ولا ينفقون الأموال " ؛ ويجوز أن يكون " ولا ينفقونها " : " ولا ينفقون الفضة " ؛ وحذف الذهب لأنه داخل في الفضة؛ كما قال الشاعر :
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف
يريد : " نحن بما عندنا راضون؛ وأنت بما عندك راض " ؛ فحذف " راضون " ؛ فكذلك يكون المعنى : " والذين يكنزون الذهب ولا ينفقونه في سبيل الله؛ والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله " .