وقوله :
ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم ؛ وتفسير الآية أن من المنافقين من كان يعيب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ويقول : إن بلغه عني حلفت له؛ وقبل مني؛ لأنه أذن؛ فأعلم الله (تعالى) أنه أذن خير لكم؛ أي : مستمع خير لكم؛ ثم بين ممن يقبل؛ فقال :
يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ؛ أي : هو أذن خير؛ لا أذن شر؛ يسمع ما ينزله الله عليه؛ فيصدق به؛ ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه به؛
ورحمة للذين آمنوا منكم ؛ أي : هو رحمة؛ لأنه كان سبب المؤمنين في إيمانهم؛ ومن قرأ : " أذن خير لكم " ؛ فالمعنى : فإن من يسمع منكم ويكون قريبا منكم قابلا للعذر؛ خير لكم؛ ويروى في هذه الآية أن رجلا من المنافقين قال : لو كان ما أتى به
محمد حقا فنحن حمير؛ فقال له ابن امرأته : إن ما أتى به لحق؛ وإنك لشر من دابتك هذه؛ وبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعض من حضره : نعتذر إليه ونحلف له؛ فإنه أذن.
[ ص: 458 ] وقوله :
يحلفون بالله لكم ليرضوكم ؛ قال بعض النحويين : إن هذه اللام بمعنى القسم؛ أي : يحلفون بالله لكم ليرضنكم؛ وهذا خطأ؛ لأنهم إنما حلفوا إنهم ما قالوا ما حكي عنهم ليرضوكم باليمين؛ ولم يحلفوا أنهم يرضون فيما يستقبل؛
والله ورسوله أحق أن يرضوه ؛ وقوله :
إن كانوا مؤمنين ؛ أي : إن كانوا على ما يظهرون؛ فكان ينبغي ألا يعيبوا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فيكونون بتوليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وترك عيبه مؤمنين؛ ويجوز في قوله : " ورحمة " ؛ الجر على العطف على " خير " ؛ فيكون المعنى : " قل أذن خير لكم وأذن رحمة للمؤمنين " ؛ وقوله :
أحق أن يرضوه ؛ ولم يقل : " يرضوهما " ؛ لأن المعنى يدل عليه؛ فحذف استخفافا؛ المعنى : " والله أحق أن يرضوه؛ ورسوله أحق أن يرضوه " ؛ كما قال الشاعر :
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والأمر مختلف
المعنى : " نحن بما عندنا راضون؛ وأنت بما عندك راض " .