مثل الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها
(مثل الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فمثله كمثل الكلب
[ ص: 16 ] إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث وذلك لأن الكلب ميت الفؤاد من بين السباع وذلك فيما روي لنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه أنه قال لما أهبط
آدم عليه السلام إلى الأرض وسوس العدو إلى السباع إن هذا عدو لكم فاقتلوه جاءت الوحوش فاحتوشته واجتمعوا عليه وجاء العدو فأشلى الكلب حتى ينبح فأول من حمل عليه الكلب فتخوف
آدم عليه السلام فنودي أن يا آدم لا تخف فأعطي العصا الذي
لموسى عليه السلام فضربه بذلك فذلله وهزمه ثم أمر بأن يمسح يده على رأسه فألف به وبولده بعد التذلل ثم أشلاه على السباع فحمل عليها معاديا لها إلى يوم القيامة وصار يحرسهم ويصطاد لهم فلما وصل إليه سلطان العصا الذي جعل فيها صار الكلب ميت الفؤاد فبقي فيه
[ ص: 17 ] اللهث إلى يوم القيامة حملت عليه أو لم تحمل فلم تزل تلك العصا في حفظ الله تتداولها الأيدي إلى وقت
موسى عليه السلام
ويقال كانت تلك العصا من آس الجنة فذلك الذي آتاه الله من الكرامة ما لو أراد أن يصرفها إلى الآخرة لحصل له ذلك لقوله تعالى
ولو شئنا لرفعناه بها أي لو صرفها إلى الآخرة آتيناه ذلك ولكنه أخلد إلى الأرض صرفها في وجوه الدنيا التي هي للفناء وركب الهوى وقصد إلى كليمنا كما قصد الكلب إلى صفينا فصار مثله مثل الكلب فمعنى قوله (مثل كمثل الكلب أي إن هذا الذي صار كلبا وهو
بلعم إن رأى آياتنا وعبرنا لم يتعظ وإن لم ير لم يتعظ لأنه انسلخ مما آتيناه مثل الحياة الدنيا
وقال
إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت [ ص: 18 ] الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون
فأراهم الله عاقبة أمر الدنيا وفنائها بما عاينوا من انقضاء أيام الربيع .كيف تلاشت زينتها وبهجتها كذا حال زينة الدنيا
وقال في شأن الرؤيا من أمر الكواكب والشمس والقمر فهي شعبة من هذا وأريها في منامه وضرب له شأن الآخرة بالكواكب والشمس والقمر مثلا
وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك
فإذا كانت الأخبار المتقادمة فيها تثبيت للفؤاد كان فيما أراك الله ببصر رأسك وسمع أذنك ما له تثبيت للفؤاد وقال في شأن
داود صلى الله عليه وسلم من قول الملكين
[ ص: 19 ] إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب يعرفه قبح ما أتاه