مثل الهوى إذا مازج العقل في أمر واحد
مثل الهوى إذا مازج العقل في أمر واحد كمثل ماء صاف كالطل في الصفاء مازجه ماء من مياه الأنهار ففي ذلك الماء ترى الأشياء كلها كالمرآة إذا نظرت فيها وفي ماء الأنهار لا يرى إلا الخيال أمير بسط عدله في رعيته ودبر سلطانه فأعد سجنا وعقوبات لمن خلع يده عن الطاعة وفرق أعماله بين عماله وأعد حاجبا وخليفة ومرتزقة وأظهر كنوزه وقوته وأمر ونهى وأعلم الرعية أن من ائتمر بأمره فهو الوجيه
[ ص: 165 ] عنده والخطير لديه المثاب على ذلك المقضي عنده حوائجه المتخذ لنفسه عنده قدرا حتى تظهر عنده مرتبته ومن لم يأتمر بأمره وركب هواه خلق وجهه عنده وبخس حظه وحرم ثوابه وحط قدره وبطلت رتبته فظهر في رعيته إنجاز وعده ووصول وعيده إلى من استحق ذلك وفي هذه الرعية طبقة مؤتمرون بأمره زائدون على ما وظف عليهم من أمره ناصحون له قد شغفوا به حبا وأعينهم مادة إلى ما يأمر وإلى ما يقضي وإلى ما يدبر لهم حتى يتلقوا تدبيره بالهشاشة ووجوه متطلقة وأفعال سمحة ويتلقوا أمره بالتعظيم ومع ذلك ينصحونه في رعيته فينشرون محاسنه وأفعاله وأخلاقه وحسن معاملته بالرحمة ويخبرون عن ملكه وجنوده وكنوزه وغناه ويحثون الرعية على طاعته والحمية له والجد في أموره والشفقة 68 على أودائه فهذه الطبقة أوجههم عند الأمير وأعظمهم قدرا لما أظهروا من النصيحة والحب له
[ ص: 166 ] .شأن الآدميين مع الله
فكذلك شأن الآدميين مع الله كان أوجههم عند الله تعالى أشكرهم له وأكثرهم نشرا لمحاسن أفعاله وأخلاقه وأعلمهم بصفاته وأغزرهم معرفة به وأوثقهم به وإن الله تعالى أظهر ملكه وخلق في ملكه خلقه ثم آتى كل ذي روح يتحرك في السموات ويدب في الأرض على قدره من ملكه بتلك الحياة التي جعل فيه فمن سار فيما أوتي من الملك بسيرته التي مثل له فقد تواضع لملكه ووضع نفسه لملكه فإذا دعي يوم المقدم عليه قدم على نزل مهيأ ومهاد كريم وتحية رب العالمين وذلك قول الله تعالى
تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما