مثل القلب والنفس
مثل القلب والنفس مثل القوس أعلاها أوسع من أسفلها فإذا غفل عنها صاحبها أخذ البيت الأسفل من البيت الأعلى قليلا قليلا حتى يصير الأعلى ضيقا والأسفل واسعا فلا تخرج الرمية عن قوة ولا تبلغ المقصد
فكذلك القلب هو في غناه وسعته وقوته متمكن في التدبير
[ ص: 328 ] وهذه الجوارح والنفس في ضيقها وفقرها وحاجتها فلا تزال تأخذ من سعة القلب ومن قوته حتى يضعف القلب ويقل غناه ويضيق فلا تخرج رميته مستوية ولا عن قوة فلا يصل إلى المقصود
قال له قائل ما الرمية
قال النية الصادقة فالنية من القلب إذا خالطه علائق النفس ضعفت النية وخرج الفعل غير مستو ولا صاف
قيل مثل ماذا
قال بيانه رجل أخرج شطر ماله ليتصدق به ابتغاء وجه الله تعالى فهذه نية صادقة خرجت من قلب صاف صادق ثم قال أين أضعها فحدثته نفسه أن ضعها في غريمك فلان لك عليه دراهم ليرد عليك قضاء مالك عليه أو ضعها في تابعي من خدمك فهذه علائق خالطت الصدق الذي ادعى أنه يريد به وجه الله تعالى أراد به غير 94 وجه الله تعالى عرضا من عرض الدنيا فزاغ قلبه عن الاستواء إلى الميل إلى شيء عن اليمين إلى
[ ص: 329 ] الشمال وعن الأعلى إلى الأسفل كالقوس إذا جعلت بيت أسفله أعلاه وأعلاه أسفله فإذا وجدت النفس إلى ذلك سبيلا اعتادت ذلك فمرة أخرى أخذت القوة من القلب
ثم أخرج من ماله شطرا آخر لينفقه في سبيل الله تعالى فقال أين أضعه فطمعت نفسه أن يتصدق به على .ملأ من الناس فتحمدك الناس على ذلك ويقال إنه سخي خير فقد زال عن الاستواء إلى أن بطلت رميته حتى خرجت من القوس فسقطت بالأرض ولم يصل إلى مقصوده من الرمية
ثم أخرج درهما آخر فقال أين أضعه فذهب فوضعه في معصية فهذه رمية لم يعمل القوس فيها فالقوس معطلة والوتر منقطع والسهم معوج والرمية غير مسددة