المرأة التي في لسانها بذاء
بلغنا
أن امرأة كان في لسانها بذاء فوافت رسول الله صلى [ ص: 65 ] الله عليه وسلم وهو يمضغ اللحم فقالت أطعمني منه يا رسول الله فناولها من الذي بين يديه فقالت لا إلا الذي في فمك فأخرج صلى الله عليه وسلم من فمه وناولها فابتلعته المرأة فذهب عنها البذاء وظهرت عليها غضاضة وعفافة وحياء
فهذا من آدمي أكرمه الله تعالى وطهره فكيف بكلام تكلم به رب العزة ولذلك قال
وشفاء لما في الصدور
وقد قال في شأن النحل
يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس
فالذي يلعق العسل يصيبه الشفاء لأن ذلك شراب خرج من جوف من تذلل لوحي الله وسلك سبل ربه الذي سبل له فصار بذلك شفاء للبدن وحلاوة في المطعم فما ظنك بكلام رب العزة
وإنما يتحير في هذا من كان قلبه سكران عن الله يحب النفس ويحب الشهوات فأما من أفاق من سكره وحيي قلبه بالله فانتبه فهو واجد لهذا
وكما أن السكران من الشراب لا يجد طعم العسل ولذاذته إذا
[ ص: 66 ] لعقه فكذا السكران من حب الشهوات لا يجد طعم كلام الله ولا لذاذته ولا يكون له شفاء لا في الفم ولا في الجوف ولا في القلب وهو عبد آبق معاقب بإباقه قال الله عز وجل
سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق
وكل من تكبر على الله أهانه الله تعالى وذلله ورمى به في إكرام نفسه وطلب عزها ورفعتها، فقد عوقب بأن صرف قلبه عن آياته حتى لا يفهمها ولا يجد حلاوتها ولا لذاذتها