صفحة جزء
[ ص: 328 ] سورة القصص

3- من نبإ موسى أي من خبره.

وجعل أهلها شيعا أي فرقا وأصنافا في الخدمة.

يستضعف طائفة منهم يعني: بني إسرائيل .

5- ونجعلهم الوارثين للأرض.

7- وأوحينا إلى أم موسى أي ألقينا في قلبها. ومثله: وإذ أوحيت إلى الحواريين .

فألقيه في اليم أي في البحر.

8- فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا لم يلتقطوه في وقتهم ذاك لهذه العلة. وإنما التقطوه: ليكون لهم ولدا بالتبني; فكان عدوا وحزنا فاختصر الكلام.

10- وأصبح فؤاد أم موسى فارغا قال أبو عبيدة: "فارغا من الحزن لعلمها أنه لم يقتل"; أو قال: لم يغرق .

وهذا من أعجب التفسير. كيف يكون فؤادها من الحزن فارغا في وقتها ذاك، والله سبحانه يقول: لولا أن ربطنا على قلبها ؟! وهل يربط إلا على قلب [ ص: 329 ] الجازع والمحزون؟! والعرب تقول للخائف والجبان: "فؤاده هواء". لأنه لا يعي عزما ولا صبرا. قال الله وأفئدتهم هواء . وقد خالفه المفسرون إلى الصواب فقالوا أصبح فارغا من كل شيء إلا من أمر موسى; كأنها لم تهتم بشيء -مما يهتم به الحي- إلا أمر ولدها.

11- وقالت لأخته قصيه أي قصي أثره واتبعيه.

فبصرت به عن جنب أي عن بعد منها عنه وإعراض: لئلا يفطنوا لها. و"المجانبة" من هذا.

وهم لا يشعرون بها.

12- وحرمنا عليه المراضع أي منعناه أن يرضع [منهن] و"المراضع": جمع "مرضع".

يكفلونه أي يضمونه إليهم.

14- ولما بلغ أشده قد تقدم ذكره .

واستوى أي استحكم وانتهى شبابه واستقر: فلم تكن فيه زيادة.

15- ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها يقال: نصف النهار.

هذا من شيعته أي من أصحابه. يعني: بني إسرائيل.

وهذا من عدوه أي من أعدائه. و "العدو" يدل على الواحد، وعلى الجمع . [ ص: 330 ] فوكزه موسى أي لكزه. يقال وكزته ولكزته [ونكزته ونهزته] ولهزته; إذا دفعته.

فقضى عليه أي قتله. وكل شيء فرغت منه: فقد قضيته، وقضيت عليه.

18- خائفا يترقب أي ينتظر سوءا يناله منهم.

فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه أي يستغيث به. يعني: الإسرائيلي.

قال له موسى إنك لغوي مبين يجوز أن يكون هذا القول للإسرائيلي . أي أغويتني بالأمس حتى قتلت بنصرتك رجلا. ويجوز أن يكون لعدوهما .

يسعى أي يسرع [في مشيه] .

قال يا موسى إن الملأ يعني: الوجوه من الناس والأشراف .

يأتمرون بك ليقتلوك قال أبو عبيدة: "يتشاورون فيك ليقتلوك". واحتج بقول الشاعر:


أحار بن عمرو! كأني خمر ... ويعدو على المرء ما يأتمر



وهذا غلط بين لمن تدبر، ومضادة للمعنى. كيف يعدو على المرء ما شاور فيه، [ ص: 331 ] والمشاورة بركة وخير؟! وإنما أراد: يعدو عليه ما هم به للناس من الشر. ومثله: قولهم: "من حفر حفرة وقع فيها".

وقوله: إن الملأ يأتمرون أي يهمون بك. يدلك على ذلك قول النمر بن تولب:


اعلمن أن كل مؤتمر ...     مخطئ في الرأي أحيانا


فإذا لم يصب رشدا ...     كان بعض اللوم ثنيانا



يعني: أن كل من ركب هواه وفعل ما فعل بغير مشاورة فلا بد من أن يخطئ أحيانا. فإذا لم يصب رشدا لامه الناس مرتين: مرة لركوبه الأمر بغير مشاورة، ومرة لغلطه.

ومما يدلك على ذلك أيضا قوله عز وجل: وأتمروا بينكم بمعروف لم يرد تشاوروا، وإنما أراد: هموا به، واعتزموا عليه. وقالوا في تفسيره: هو أن لا تضر المرأة بزوجها، ولا الزوج بالمرأة.

ولو أراد المعنى الذي ذهب إليه أبو عبيدة، لكان أولى به أن يقول: "إن الملأ يتآمرون فيك" أي يستأمر بعضهم بعضا.

22- تلقاء مدين أي تجاه مدين ونحوها. وأصله: "اللقاء". زيدت فيه التاء. قال الشاعر:


فاليوم قصر عن تلقائه الأمل

[ ص: 332 ] أي عن لقائه.

سواء السبيل أي قصده.

23- وجد عليه أمة من الناس يسقون أي جماعة .

ووجد من دونهم امرأتين تذودان أي تكفان غنمهما. وحذف "الغنم" اختصارا.

وفي تفسير أبي صالح: "تحبس إحداهما الغنم على الأخرى".

قال ما خطبكما أي ما أمركما؟ وما شأنكما؟.

(يصدر الرعاء أي يرجع الرعاء. ومن قرأ: يصدر الرعاء ; أراد: يرد الرعاء أغنامهم عن الماء.

27- على أن تأجرني أي تجازيني عن التزويج، والأجر من الله إنما هو: الجزاء على العمل.

28- أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي قال المفسرون: لا سبيل علي. والأصل من "التعدي"، وهو: الظلم. كأنه قال: أي الأجلين قضيت، فلا تعتد علي بأن تلزمني أكثر منه.

29- أو جذوة من النار أي قطعة منها. ومثلها الجذمة وفي التفسير: "الجذوة عود قد احترق". [ ص: 333 ]

32- اسلك يدك في جيبك أي أدخل يدك، يقال: سلكت يدي وأسلكتها .

(الجناح الإبط. والجناح: اليد أيضا.

الرهب والرهب [والرهب] والرهبة واحد.

برهانان أي حجتان.

34- فأرسله معي ردءا أي معينا. يقال: أردأته على كذا، أي أعنته.

35- ونجعل لكما سلطانا أي حجة.

38- فأوقد لي يا هامان على الطين أي اصنع لي الآجر.

فاجعل لي منه صرحا أي قصرا عاليا.

45- وما كنت ثاويا في أهل مدين أي مقيما. يقال: ثويت بالمكان; إذا أقمت به. ومنه قيل للضيف: الثوي.

48- (ساحران تظاهرا) أي تعاونا.

51- ولقد وصلنا لهم القول أي أتبعنا بعضه بعضا، فاتصل عندهم. يعني: القرآن.

57- أولم نمكن لهم حرما آمنا أي ألم نسكنهم إياه ونجعله مكانا لهم؟!. [ ص: 334 ]

58- بطرت معيشتها أي أشرت. وكأن المعنى: أبطرتها معيشتها. كما تقول: أبطرك مالك، فبطرت.

59- في أمها رسولا أي في أعظمها.

61- ثم هو يوم القيامة من المحضرين أي محضري النار.

63- الذين حق عليهم القول أي وجبت عليهم الحجة، فوجب العذاب.

66- فعميت عليهم الأنباء أي عموا عنها -من شدة الهول يومئذ- فلم يجيبوا. و"الأنباء": الحجج هاهنا.

68- وربك يخلق ما يشاء ويختار أي يختار للرسالة.

ما كان لهم الخيرة أي لا يرسل الله الرسل على اختيارهم.

71- ( السرمد ) الدائم.

75- ونزعنا من كل أمة شهيدا أي: أحضرنا رسولهم المبعوث إليهم.

76- ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أي تميل بها العصبة -إذا حملتها- من ثقلها. يقال: ناءت بالعصبة، أي مالت بها. وأناءت العصبة: أمالتها. ونحوه في المعنى قوله: ولا يئوده حفظهما أي لا يثقله حتى يؤوده، أي يميله. [ ص: 335 ] و"العصبة": ما بين العشرة إلى الأربعين.

وفي تفسير أبي صالح: ما إن مفاتحه يعني: الكنز نفسه وقد تكون "المفاتح": مكان الخزائن. قال في موضع آخر: أو ما ملكتم مفاتحه أي ما ملكتموه: من المخزون. وقال: وعنده مفاتح الغيب نرى: أنها خزائنه.

لا تفرح لا تأشر، ولا تبطر. قال الشاعر:


ولست بمفراح إذا الدهر سرني ...     ولا جازع من صرفه المتحول



أي لست بأشر. فأما السرور فليس بمكروه.

77- ولا تنس نصيبك من الدنيا أي لا تترك حظك منها.

78- قال إنما أوتيته على علم عندي أي لفضل عندي. وروي في التفسير: أنه كان أقرأ بني إسرائيل للتوراة .

ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون قال قتادة يدخلون النار بغير حساب. وقال غيره يعرفون بسيماهم. [ ص: 336 ]

80- ولا يلقاها أي لا يوفق لها. ويقال: يرزقها.

82- ويكأن الله قال قتادة: هي "ألم تعلم! ". وقال أبو عبيدة: سبيلها سبيل "ألم تر؟ ".

وقد ذكرت الحرف والاختلاف فيه، في كتاب "تأويل المشكل" .

85- إن الذي فرض عليك القرآن أي أوجب عليك العمل به. وقال بعض المفسرين أنزله عليك.

لرادك إلى معاد قال مجاهد: يعني مكة. وفي تفسير أبي صالح: "أن جبريل -عليه السلام- أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتشتاق إلى مولدك ووطنك، يعني: مكة؟ قال: نعم. فأنزل الله عز وجل هذه الآية: وهو فيما بين مكة والمدينة".

وقال الحسن والزهري - أحدهما: "معاده: يوم القيامة"; والآخر: "معاده: الجنة".

وقال قتادة: هذا مما كان ابن عباس يكتمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية